وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو أحمد الحافظ، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسين الخثعمي، قال: حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي، قال: حدثنا شريح بن مسلمة، قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق، عن أبيه عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء قال: أبي رافع عبد الله بن عتيك، وعبد الله بن عتبة في أناس معهم، فانطلقوا حتى دنوا من الحصن، فقال لهم عبد الله بن عتيك: امكثوا أنتم؛ حتى أنطلق أنا فأنظر.
قال: فتلطفت أن أدخل الحصن.
قال: ففقدوا حمارا لهم؛ فخرجوا بقبس يطلبونه.
قال: فخشيت أن أعرف؛ فغطيت رأسي وجلست كأني أقضي حاجة.
قال: فنادى صاحب الباب: من أراد أن يدخل فليدخل قبل أن أغلقه.
قال: فدخلت، ثم اختبأت في مربط حمار عند باب الحصن.
قال: فتعشوا عند أبي رافع، وتحدثوا حتى ذهب ساعة من الليل، ثم رجعوا إلى بيوتهم؛ فلما هدأت الأصوات ولا أسمع حركة خرجت.
قال: ورأيت صاحب الباب حيث وضع مفتاح الحصن، في كوة فأخذت ففتحت به باب الحصن.
قال: قلت: إن نذر بي القوم، انطلقت على مهلي.
قال: ثم عمدت إلى أبواب بيوتهم؛ فغلقتها عليهم من ظاهر، ثم صعدت إلى أبي رافع في سلم، فإذا البيت مظلم، قد طفئ سراجه فلم أدر أين الرجل، فقلت: يا أبا [ ص: 36 ] رافع.
قال: من هذا؟ قال: فعمدت إلى الصوت فأصبته، قال: فصاح فلم يغن شيئا.
قال: ثم جئت كأني أغيثه، فقلت: ما لك يا أبا رافع؟ وغيرت صوتي.
قال: ألا أعجبك، لأمك الويل، دخل علي رجل فضربني بالسيف.
قال: فعمدت له أيضا؛ فأضربه أخرى، فلم تغن شيئا فصاح وقام أهله.
قال: ثم جئت وغيرت صوتي كهيئة المغيث، وإذا هو مستلق على ظهره.
قال: فأضع السيف في بطنه، ثم أتكئ عليه، حتى سمعت صوت العظم؛ ثم خرجت دهشا، حتى أتيت السلم أريد أنزل فأسقط منه فانخلعت رجلي فعصبتها ثم أتيت أصحابي أحجل، فقلت: انطلقوا فبشروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني لا أبرح حتى أسمع الناعية.
قال: فلما كان في وجه الصبح صعد الناعية، فقال: أنعي أبا رافع.
قال: فقمت أمشي ما بي قلبة، فأدركت أصحابي قبل أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فبشرته. بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
رواه البخاري في الصحيح، عن أحمد بن عثمان.