الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو عبد الله الصفار، قال: أخبرنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، قال: حدثنا سليمان بن حرب، وعارم بن الفضل (ح) قال: أخبرنا أبو عمرو الحيري، واللفظ له، قال: أخبرنا أبو يعلى، قال: حدثنا أبو الربيع، قال: حدثنا حماد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين، قال: كانت العضباء لرجل من بني [ ص: 189 ] عقيل، وكانت من سوابق الحاج، فأسر الرجل وأخذت العضباء قال: فمر به النبي صلى الله عليه وسلم وهو في وثاق رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار عليه قطيفة فقال: يا محمد، على ما تأخذونني وتأخذون سابقة الحاج؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "نأخذك بجريرة حلفائك ثقيف" قال: وكانت ثقيف قد أسروا رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فلما تشهد قال: إني مسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح" ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد، إني جائع فأطعمني، وإني ظمآن فاسقني، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذه حاجتك" ثم إن الرجل فدي بالرجلين، وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء لرحله، ثم إن المشركين أغاروا على مسرح المدينة، فذهبوا به، وكانت العضباء في ذلك السرح، وأسروا امرأة من المسلمين وكانوا إذا كان الليل أراحوا إبلهم بأفنيتهم، قال: فقامت المرأة ذات ليلة بعد ما نوموا، وكانت كلما وضعت على بعير رغا، حتى أتت على العضباء، فأتت على ناقة ذلول مجرسة فركبتها، ثم وجهتها قبل المدينة، ونذرت إن الله أنجاها عليها لتنحرنها، فلما قدمت عرفت الناقة، فقيل: ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بنذرها، وأتته فأخبرته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بئسما جزيتها - أو بئسما جزتها - إن الله تعالى أنجاها عليها لتنحرنها، لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم" .

                                        رواه مسلم في الصحيح عن أبي الربيع الزهراني.

                                        [ ص: 190 ] وذكر موسى بن عقبة، أن عيينة بن بدر الفزاري أغار على سرح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهل المدينة بالغابات، أو قريب منها، ويقال: إن مسعدة الفزاري كان رئيس القوم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معه المسلمون يطلبونهم، وأسرع نفر منهم ثمانية، أميرهم سعد بن زيد أخو بني عبد الأشهل، فأدركوا القوم، فاعتنق أبو قتادة مسعدة فقتله الله عز وجل بيد أبي قتادة، وأخذ أبو قتادة بردة له حمراء، كانت عليه فسجاها على مسعدة حين قتله، ثم نفذوا في أثر السرح، ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين على قتيل أبي قتادة فلما رأوا رداء أبي قتادة على القتيل، ظنوا أنه أبو قتادة فاسترجع أحدهم وقال: هذا أبو قتادة قتيلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بل هو قتيل أبي قتادة، جعل عليه رداءه لتعرفوه، فخلوا عن قتيله وسلبه" .

                                        ثم إن فوارس النبي صلى الله عليه وسلم أدركوا العدو والسرح، فاقتتلوا قتالا شديدا، فاستنقذوا السرح، وهزم الله العدو، ويقال: قتل أبو قتادة قرفة امرأة مسعدة، وقتل يومئذ من المسلمين الأجدع محرز بن نضلة، قتله أوبار، فشد عكاشة بن محصن، فقتل أوبارا وابنه عمرا، ويقال: كانا رديفين.


                                        أخبرناه أبو الحسن بن الفضل القطان، قال: أخبرنا أبو بكر بن عتاب، قال: حدثنا القاسم بن عبد الله بن المغيرة الجوهري، قال: حدثنا ابن أبي أويس، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمه موسى بن عقبة، فذكره ومعناه ذكره أبو الأسود، عن عروة في شأن أبي قتادة وقتله مسعدة، وقتل الأخرم أوبار: محرز بن نضلة الأجدع، وقتل عكاشة بن محصن أوبارا وابنه.

                                        [ ص: 191 ] أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو جعفر البغدادي، قال: حدثنا أبو علاثة، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا أبو الأسود، عن عروة، فذكره، ولم يذكره ولم يذكر سعد بن زيد.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية