[ ص: 282 ] باب ذكر وقول النبي صلى الله عليه وسلم حين احتبس أصحابه عنه أن يطيعوا حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه في أمر الميضأة، أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يرشدوا، وما ظهر في ذلك من آثار النبوة
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، وأبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قالا: حدثنا قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، إبراهيم بن الحارث البغدادي، قال: حدثنا قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير، قال: حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت البناني، عبد الله بن رباح، عن قال: أبي قتادة، أبو قتادة: فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يسير حتى ابهار الليل وأنا إلى جنبه فنعس النبي صلى الله عليه وسلم، فمال على راحلته فأتيته، فدعمته من غير أن أوقظه حتى اعتدل على راحلته ثم سار حتى إذا تهور الليل مال عن راحلته فدعمته من غير أن أوقظه حتى اعتدل على راحلته، ثم سار حتى إذا كان من آخر [ ص: 283 ] السحر، فمال ميلة هي أشد من الميلتين الأوليين، حتى كاد أن ينجفل فأتيته فدعمته، فرفع رأسه، وقال: "من هذا؟" فقلت: أبو قتادة، قال: "مذ كم كان هذا مسيرك" ، قلت: ما زال هذا مسيري منك منذ الليلة، قال: "حفظك الله بما حفظت به نبيه" ، ثم قال: "ترانا نخفى على الناس" ، ثم قال: "هل ترى من أحد؟" ، قلت: هذا راكب، ثم قلت: هذا راكب فاجتمعنا فكنا سبعة ركب، فمال النبي صلى الله عليه وسلم عن الطريق، فوضع رأسه، ثم قال: "احفظوا علينا صلاتنا" فكان أول من استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم والشمس في ظهره، فقمنا فزعين، فقال: "اركبوا" ، فسرنا حتى ارتفعت الشمس قال: ثم دعا بميضأة كانت معي فيها شيء من ماء، فتوضأنا منها وضوءا دون وضوء، وبقي فيها شيء من ماء ثم قال لأبي قتادة: "احفظ علينا ميضأتك" ، سيكون لها نبأ ثم نادى بلال بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم صلى صلاة الغداة، فصنع كما كان يصنع كل يوم ثم ركب النبي صلى الله عليه وسلم وركبنا فجعل بعضنا يهمس إلى بعض: ما كفارة ما صنعنا بتفريطنا في صلاتنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما هذا الذي تهمسون دوني" ، فقلنا: يا نبي الله، تفريطنا في صلاتنا، قال: "أما لكم في أسوة" ثم قال [ ص: 284 ] : فإذا كان ذلك فليصلها حين يستيقظ، فإذا كان من الغد فليصلها عند وقتها" ثم قال: "ما ترون الناس صنعوا" ؟ قال: ثم قال: "أصبح الناس وقد فقدوا نبيهم" فقال أبو بكر وعمر: رسول الله بعدكم لم يكن ليخلفكم، وقال ناس بين أيديكم وأن يطيعوا "إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الأخرى، أبا بكر وعمر يرشدوا، فانتهينا إلى الناس حين امتد النهار أو قال حين ذهب ظل كل شيء وهم يقولون: يا نبي الله هلكنا وعطشنا، فقال: "لا هلك عليكم" ثم قال: "أطلقوا لي غمري" يعني القدح الصغير فدعا بالميضأة، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصب وأبو قتادة يسقيهم فلم يعد أن رأى الناس ما في الميضأة تكابوا عليها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أحسنوا الملأ كلكم سيروى" ، ثم قال: "أحسنوا الرعة" ، ففعلوا، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصب، وأبو قتادة يسقيهم، حتى ما بقي أحد غيري، وغير النبي صلى الله عليه وسلم ثم صب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اشرب" ، فقلت: لا أشرب حتى يشرب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "إن ساقي [ ص: 285 ] القوم آخرهم" ، فشربت وشرب النبي صلى الله عليه وسلم فأتى الناس الماء جامين رواء.
فقال عبد الله بن رباح: إني لأحدث هذا الحديث في المسجد الجامع، فقال لي انظر أيها الفتى كيف تحدث فإني أحد الركب تلك الليلة، قلت: يا عمران بن حصين: أبا نجيد حدث، أنت أعلم بالحديث، قال: ممن أنت؟ قلت: من الأنصار.
قال: فأنتم أعلم بالحديث.
فحدثت القوم، فقال عمران: لقد شهدت تلك الليلة فما شعرت أن أحدا حفظه كما حفظته. خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم، ثم تأتون الماء غدا إن شاء الله" ، قال: فانطلق الناس لا يلوي أحد على أحد في المسير قال
رواه مسلم في الصحيح عن عن شيبان بن فروخ سليمان بن المغيرة.