[ ص: 270 ] حديث أبي لبابة وأصحابه. أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل، قال: حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني، قال: أخبرنا حدثنا علي بن محمد بن عيسى، قال: أخبرني أبو اليمان، شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني سعيد بن المسيب " بني قريظة كانوا حلفاء لأبي لبابة فاطلعوا إليه وهو يدعوهم إلى حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا أن أبا لبابة أتأمرنا أن ننزل؟ فأشار بيده إلى حلقه أنه الذبح، فأخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال له: لم تر عيني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحسبت أن الله تعالى غفل عن يدك حين تشير إليهم بها إلى حلقك" ، فلبث حينا ورسول الله صلى الله عليه وسلم عاتب عليه، ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك وهي فتخلف عنه غزوة العسرة أبو لبابة فيمن تخلف، فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، جاءه أبو لبابة يسلم عليه، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ففزع أبو لبابة، فارتبط بسارية التوبة التي عند باب أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم سبعا بين يوم وليلة في حر شديد، لا يأكل فيهن ولا يشرب قطرة، وقال: لا يزال هذا مكاني حتى أفارق الدنيا أو يتوب الله تعالى علي ، [ ص: 271 ] فلم يزل كذلك حتى ما يسمع الصوت من الجهد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه بكرة وعشية، ثم تاب الله تعالى عليه، فنودي أن الله تعالى قد تاب عليك، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليطلق عنه رباطه، فأبى أن يطلقه عنه أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلق عنه بيده، فقال أبو لبابة حين أفاق: يا رسول الله إني أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب وأنتقل إليك فأساكنك، وإني أختلع من مالي صدقة إلى الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقال: "يجزئ عنك الثلث" ، فهجر أبو لبابة دار قومه، وساكن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتصدق بثلث ماله، ثم تاب فلم ير منه بعد ذلك في الإسلام إلا خير حتى فارق الدنيا.