أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، قال: حدثنا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، ، حدثنا ابن إسحاق بريدة بن سفيان، عن ابن البيلماني، عن كرز بن علقمة، قال: [ ص: 383 ] " نجران ستون راكبا، منهم أربعة وعشرون رجلا من أشرافهم، والأربعة وعشرون منهم ثلاثة نفر منهم إليهم يؤول أمرهم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى العاقب أمير القوم وذو رأيهم صاحب مشورتهم والذين لا يصدرون إلا عن رأيه وأمره واسمه عبد المسيح، والسيد ثمالهم وصاحب رحلهم ومجتمعهم واسمه الأيهم وأبو حارثة بن علقمة أحد بني بكر بن وائل، وأسقفهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مدراسهم وكان أبو حارثة قد شرف فيهم ودرس كتبهم حتى حسن عمله في دينهم وكانت ملوك الروم من أهل النصرانية قد شرفوه ومولوه وأخدموه وبنوا له الكنائس وبسطوا عليه الكرامات لما يبلغهم عنه من عمله واجتهاده في دينهم.
فلما وجهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نجران جلس أبو حارثة على بغلة له موجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى جنبه أخ له يقال له: كوز بن علقمة يسايره إذ عثرت بغلة أبي حارثة، فقال له كوز: تعس الأبعد، يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له أبو حارثة: بل أنت تعست، فقال له: ولم يا أخ؟ فقال: والله إنه للنبي الذي كنا ننتظر، قال له كوز: فما يمنعك وأنت تعلم هذا؟ قال: ما صنع بنا هؤلاء القوم، شرفونا ومولونا وأكرمونا، وقد أبوا إلا خلافه ولو فعلت نزعوا منا كل ما ترى، فأضمر عليها منه أخوه كوز بن علقمة حتى أسلم بعد ذلك.