اختلاف أهل العلم فيما يفعل بالغال
واختلفوا فيما يفعل بمن غل فقالت طائفة: يحرق رحله، كذلك قال الحسن البصري، ومكحول، وسعيد بن عبد الملك، والوليد بن هشام، وقال : إلا أن يكون حيوانا أو [مصحفا] . الحسن البصري
وقال : يحرق متاعه . الأوزاعي
وقال أحمد، وإسحاق، كقول الحسن، وقال : لا يحرق ما غل، وكذلك قال الأوزاعي أحمد (قال) : ويرفع إلى المغنم. وقال : ويغرم إن كان استهلك ما غل، وقال الأوزاعي : يحرق [ ص: 54 ] متاعه الذي غزا به، وسرجه، وإكافه، ولا تحرق دابته ولا نفقته إن كانت في خرجه، ولا سلاحه، ولا ثيابه التي عليه، وما ألقت النار من حديد أو غيره فصاحبه أحق بأخذه، وإن رجع الغال إلى أهله أحرق متاعه الذي غزا به، وقال في الأوزاعي لا يحرق متاعه ويحرم سهمه، ويغرم إن كان استهلك ما غل، والمرأة يحرق متاعها إذا غلت، الغلام الذي لم يحتلم يغل: رأى الإمام في عقوبته، ولا يحرق متاعه; لأنه لسيده، فإن استهلك ما غل فهو في رقبة العبد إن شاء مولاه افتكه، وإن شاء دفعه بجنايته، وقال: ما أرى بأسا أن يحرق متاع المعاهد إذا غل، وقال في الرجل يوجد معه الغلول فيقول: ابتعته قال: لا يحرق متاعه إذا دخلت شبهة . والعبد إذا غل
وقال أحمد : لا تحرق ثيابه التي عليه، ولا سرجه، ولا يحرق ما يلبسه عليه من سلاحه .
وقالت طائفة: لا يحرق رحله ولا يعاقب في ماله هذا قول مالك بن أنس، والليث بن سعد، وكان والشافعي، يرى أن عليه العقوبة، وكذلك قال الليث بن سعد إذا كان عالما بالنهي، وقال الشافعي : "لا يعاقب رجل في ماله إنما يعاقب في بدنه، جعل الله الحدود على الأبدان، وكذلك العقوبات، واحتج الشافعي بحديث الشافعي . عبد الله بن عمرو
6047 - أخبرنا حاتم بن منصور أن حدثهم قال: حدثنا الحميدي سفيان، [ ص: 55 ] حدثنا عمرو بن دينار، وابن عجلان عن عن أبيه، عن جده عمرو بن شعيب، قال: لما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من حنين قال: فلما كان عند قسم الخمس جاءه رجل يستحله خياطا ومخيطا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ردوا الخياط والمخيط، فإن الغلول عار ونار وشنار يأتي به صاحبه يوم القيامة .
قال كأن مراد أبو بكر: من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوجب على الرجل شيئا، ولم يحرق عليه رحله، ولو كان ذلك واجبا لفعله به، ولو شاء قائل أن يقول: يحتمل أن يكون الذي استحله الخياط والمخيط غير عالم بتحريم ذلك، وإنما تجب العقوبات على من فعل ذلك بعد علمه بأن ذلك محرم عليه، أو يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر بأن يحرق رحل من غل بعد عام حنين، فلا يكون ذلك خلافا لما قاله من أوجب حرق رحل الغال، مع أن الحجة إنما تكون في قول من أوجب الشيء، لا قول من وقف عن الإيجاب، وليس في حديث عبد الله بن عمرو ذكر حرق الرحل، وإذا وجد ذلك في حديث آخر وجب استعماله، لأن الذي حفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بحرق رحل الغال شاهد، والذي لم يذكر ذلك ليس بشاهد، وقد احتج بعض من [ ص: 56 ] (يرى) أن للإمام أن يعاقب في الأموال بأشياء، منها حديث الشافعي معاوية بن حيدة .
6048 - حدثنا عن إسحاق، عن [ عبد الرزاق، عن] معمر، بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة، عن أبيه، عن جده قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " في كل أربعين من الإبل سائمة ابنة لبون، فمن أعطاها مؤتجرا فله أجرها، ومن كتمها فأنا آخذها وشطر إبله عزيمة من عزائم ربك، لا تحل لمحمد ولا لآل محمد" .
ومنها حديث ] . عبد الله بن [عمرو
6049 - أخبرنا محمد بن عبد الله قال: أخبرنا قال: أخبرنا ابن وهب عمرو بن الحارث عن وهشام بن سعد، عن أبيه، عن عمرو بن شعيب، عبد الله بن عمرو أن رجلا من مزينة أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف ترى في حريسة الجبل؟ قال: "هي ومثلها، والنكال، ليس في شيء من الماشية قطع إلا فيما آواه المراح فبلغ ثمن المجن; ففيه قطع اليد، وما لم يبلغ ثمن المجن، ففيه غرامة مثليه، وجلدات نكال" . [ ص: 57 ]
فقال هذا القائل: ففي قوله: "هي ومثلها" ، تغريم ضعف ما أخذ، ومن ذلك حديث الذي: عمر بن الخطاب
6050 - أخبرناه الربيع قال: أخبرنا قال: أخبرنا الشافعي عن مالك، عن أبيه، عن هشام بن عروة، يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب : أن رقيقا لحاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة فانتحروها، فرفع ذلك إلى فأمر عمر بن الخطاب، كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم، ثم قال عمر : " إني أراك [تجيعهم] ، والله لأغرمنك غرما يشق عليك ثم قال للمزني: كم ثمن ناقتك؟ قال: أربعمائة درهم. قال: أعطه ثمانمائة .
وقد روينا عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين أنهم جعلوا تغليظا على القاتل، قالت هذه الفرقة: دية من قتل في الحرم دية وثلثا فإذا جاز أن يعاقبهم في أبدانهم فكذلك جائز أن يعاقبهم في أموالهم، بل عند كثير من الناس العقوبة في المال أيسر وأسهل من العقوبة في البدن . فللإمام أن يعاقب أهل الريب والمعاصي بالضرب والحبس،
وكان يقول في الرجل يحتمل الثمرة من أكمامه: فيه الثمن مرتان وضرب النكال، وقال: كل من درأنا عنه الحد والقود أضعفنا عليه الغرم لحديث المزني، وكان يرى تغليظ الدية على من قتل في الشهر الحرام، وفي الحرم، والتغليظ فيه دية وثلث . [ ص: 58 ] أحمد بن حنبل