الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الخبر الدال على أن حكم من خرج من المشركين كرها إلى القتال، حكم من خرج طائعا فيما يؤخذ منه من الفداء

                                                                                                                                                                              6216 - حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا خلف بن الوليد، وأبو خالد الأموي قالا: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن علي، قال: لما قدمنا المدينة، أصبنا من ثمارها، واجتويناها، وأصابنا بها وعك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم (يتخبر) عن بدر، قال: فلما بلغنا أن المشركين أقبلوا، سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر - وبدر بئر - وسبقنا المشركين إليها، فوجدنا فيه رجلين منهم: رجلا من قريش ومولى لعقبة بن أبي معيط، فأما القرشي فأفلت، وأما مولى عقبة فأخذناه، فجعلنا نقول له، كم القوم؟ قال: هم كثير عددهم، شديد بأسهم، [ ص: 227 ] فجعلوا إذا قال ذلك ضربوه، حتى انتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "كم القوم؟" فقال: هم كثير عددهم، شديد بأسهم، فجهد النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبره كم هم؟ فأبى، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله: "كم ينحرون من الجزر؟" قال: عشرة كل يوم، فقال رسول الله: "القوم ألف" ، قال: ثم أصابنا من الليل طش من مطر، قال: فانطلقنا تحت الشجر [والحجف] نستظل تحتها من المطر، وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو، "اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض" ، فلما طلع الفجر، نادى بالصلاة، فجاء الناس من تحت الشجر [والحجف] ، فصلى بهم، وحض على القتال، ثم قال: "إن جمع قريش عند هذا الضلع الحمراء من الجبل" ، فلما دنا القوم منا وصاففناهم، إذا رجل منهم على جمل أحمر، يسير في القوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ناد حمزة" ، وكان أقربهم إلى المشركين من صاحب الجمل الأحمر، وماذا يقول لهم، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن يك في القوم أحد يأمر بخير فعسى أن يكون صاحب الجمل الأحمر" ، فقالوا: هو عتبة بن ربيعة ينهى عن القتال، ويقول: يا قوم إني أرى قوما لا تصلون إليهم وفيكم خير، يا قوم أعصبوها اليوم برأسي وقولوا: جبن عتبة بن ربيعة، ولقد علمتم أني لست بأجبنكم، فسمع ذلك أبو جهل فقال: أنت تقول هذا؟، والله لو غيرك يقول هذا عضضته، قد ملئت رئتاك بخوفك رعبا، فقال عتبة: إياي - تعني يا مصفر استه؟، ستعلم اليوم أينا أجبن؟، فبرز عتبة وأخوه شيبة وابنه الوليد، فقالوا: من يبارز؟ فخرج فتية [ ص: 228 ] من الأنصار ستة، فقال عتبة: لا نريد هؤلاء، ولكن يبارزنا من بني عمنا من بني عبد المطلب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قم يا علي، قم يا حمزة، قم يا عبيدة بن الحارث"، فقتل الله عتبة وشيبة ابني ربيعة، والوليد بن عتبة، وجرح عبيدة بن الحارث، فقتلنا منهم سبعين، وأسرنا سبعين، فجاء رجل قصير بالعباس بن عبد المطلب أسيرا فقال العباس: يا رسول الله؟ إن هذا والله ما أسرني، لقد أسرني رجل من أحسن الناس وجها على فرس أبلق، ما أراه في القوم، فقال الأنصاري: أنا أسرته يا رسول الله، فقال: "اسكت، فقد آزرك الله بملك كريم" ، فقال علي: وأسرنا من بني عبد المطلب العباس، وعقيل، ونوفل بن الحارث .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية