الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر المشرك يطلب الأمان ليسمع كتاب الله، وشرائع الإسلام، أيرد هذا، ومن أشبهه إلى مأمنه

                                                                                                                                                                              قال الله - جل ذكره - : ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ) .

                                                                                                                                                                              (روينا) عن قتادة، أنه قال في قوله: ( حتى يسمع كلام الله ) أي كتاب الله، فإن آمن فهو الذي دنا إليه، وإن أبا فعليه أن يبلغه مأمنه. وبهذا قال الأوزاعي، والشافعي، وقال الأوزاعي : هي إلى يوم القيامة، وقال: إذا قال [جئت] أسمع كلام الله. لم يؤذن بحرب حتى [يسمع] ما جاء له .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وقد بلغنا أن عمر بن عبد العزيز كتب بذلك إلى الناس .

                                                                                                                                                                              روينا عن مكحول مثله، وقال الشافعي في قوله: " ( ثم أبلغه مأمنه ) الآية، وإبلاغه مأمنه أن يمنعه من المشركين، فما كان في بلاد المسلمين، أو حيث ما اتصل ببلاد المسلمين، وسواء قرب ذلك أو بعد، قال: ( ثم أبلغه مأمنه ) ، [يعني] والله أعلم - منك، أو ممن يقتله على دينك ممن يطيعك، لا أمانه من غيرك من عدوك، أو عدوه الذي لا تأمنه [ ص: 284 ] ولا يطيعك، فإذا (بلغه) الإمام أدنى بلاد المشركين بيتا فقد (بلغه) مأمنه الذي كلفه، إذا أخرجه سالما من أهل الإسلام، ومن يجري عليه حكم الإسلام من أهل عهدهم، قال: فإن قطع به ببلادنا وهو من أهل الجزية، كلف المشي (وزود) إلا أن يقيم على إعطاء الجزية، وإن عرض إعطاء الجزية قبل منه، وإن كان ممن لا تؤخذ منه الجزية، كلف المشي (وزود) ، أو حمل ولم يقر ببلاد المسلمين وألحق بمأمنه، وإن (كان) عشيرته التي يأمن فيها بعيدا، فأراد أن يبلغ أبعد منها لم يكن ذلك على الإمام، وإن كان له مأمنان فعلى الإمام إلحاقه بحيث كان يسكن منهما، وإن كانت له [بلدا] شرك سكنهما معا، ألحقه الإمام بأيهما شاء، ومتى سأله أن يجيره حتى يسمع كلام الله، ثم يبلغه مأمنه وغيره من المشركين، كان ذلك فرضا على الإمام، ولو لم يجاوز به موضعه الذي استأمنه منه رجوت أن يسعه .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية