ذكر فتح مكة واختلاف الناس فيه
اختلف أهل العلم في مكة . دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالت طائفة: دخلها عنوة، كذلك قال قال: فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم الأوزاعي مكة عنوة فخلى بين المهاجرين وأراضيهم ودورهم بمكة ولم يجعلها فيئا، وقالت طائفة: وقد سبق لهم أمان والذين قاتلوا وأذن في قتلهم لم يدخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم عنوة، وإنما دخلها صلحا، بمكة بنو نفاثة قتلة خزاعة وليس لهم بمكة دار ولا مال، إنما هم قوم هربوا إليها، فأي شيء يغنم ممن لا مال له، وأما غيرهم ممن دفع ، فادعوا أن خالد بن الوليد بدأهم بالقتال، ولم ينفذ لهم أمانا، وادعى خالد بن الوليد خالد أنهم بدؤوه ثم أسلموا قبل أن يظهر لهم على شيء ومن لم يسلم صار إلى قبول الأمان بإلقاء السلاح ودخول داره، وقد تقدم من رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمال من يغنم مال من له أمان لا غنيمة على مال هذا وما يقتدى به فيما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بما صنع. هذا قول "من دخل داره فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن". . الشافعي
وقال يعقوب : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عفا عن مكة وأهلها وقال: أبي سفيان فهو آمن"، ونهى عن القتل إلا نفرا قد سماهم إلا أن يقاتل أحد فيقاتل، وقال لهم حين اجتمعوا في المسجد: "من أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن [ ص: 378 ] دخل دار ولم يجعل منها فيئا قليلا ولا كثيرا، لا دارا، ولا أرضا، ولا مالا، ولا متاعا، ولم يسب من أهلها أحد وكان "ما ترون أني صانع بكم" (قالوا) : خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم قال "اذهبوا فأنتم الطلقاء" أبو عبيد يقول: صحت الأخبار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح مكة ومن على أهلها فردها عليهم ولم يقسمها ولم يجعلها فيئا فرأى بعض الناس أن هذا الفعل جائز للأئمة بعده، ولا نرى مكة يشبهها شيء من البلاد من جهتين: إحداهما: أن رسول الله كان الله قد خصه من الأنفال والغنائم مالم يجعله لغيره، وذلك لقوله: ( يسألونك عن الأنفال ) الآية فنرى أن هذا كان خالصا له .
والجهة الأخرى: أنه سن بمكة سننا ليس لشيء من سائر البلاد، وذكر حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: عائشة وأخبار رويت في "هي مناخ من سبق" مكة . كراهية أجور بيوت
قال أبو عبيد - بعد ذكر تلك الأخبار - فإذا كانت مكة هذه سبيلها أنها مناخ من سبق ولا تباع رباعها، ولا يطيب كراء بيوتها، وأنها مسجد لجماعة المسلمين فكيف تكون هذه غنيمة . [ ص: 379 ]