إسلام ويب - الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف - كتاب قسم أربعة أخماس الغنيمة - ذكر التسوية بين الناس في الفيء والتفضيل على سابقة الآباء- الجزء رقم6

ذكر التسوية بين الناس في الفيء والتفضيل على سابقة الآباء

قال أبو بكر : اختلف الصديق والفاروق فيما روي عنهما في التسوية بين الناس أو التفضيل على سابقة الآباء فروي عن الصديق أنه سوى بين الناس، وقال: وددت أني أتخلص مما أنا فيه بالكفاف ويخلص لي جهادي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

6355 - حدثنا علي ، عن أبي عبيد ، حدثنا عبد الله بن صالح ، عن الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، أن أبا بكر الصديق قسم بين الناس قسما واحدا فكان ذلك نصف دينار لكل إنسان . [ ص: 429 ]

6356 - فقال عبد الله بن صالح ، وحدثني الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، وغيره، أن أبا بكر الصديق كلم في أن يفضل بين الناس في القسم، فقال: فضائلهم عند الله، فأما هذا المعاش فالتسوية فيه خير .

قال أبو بكر : واختلفت الأخبار فيه عن عمر .

6357 - فحدثنا علي ، عن أبي عبيد ، حدثني يحيى بن سعيد ، عن عبد الحميد بن جعفر ، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن سفيان بن وهب الخولاني، قال: شهدت خطبة عمر بن الخطاب بالجابية قال: فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، فإن هذا الفيء شيء أفاءه الله عليكم، الرفيع فيكم بمنزلة الوضيع ليس أحد أحق به من أحد إلا ما كان من هذين الحيين: لخم، وجذام، فإني غير قاسم لهما شيئا فقال رجل من لخم أحد بلجذم فقال: يا ابن الخطاب أنشدك الله في العدل والتسوية. قال: ما يريد ابن الخطاب إلا العدل والتسوية، والله إني لأعلم أن الهجرة لو كانت بصنعاء ما خرج إليها من لخم وجذام إلا قليل، أفأجعل من تكلف السفر وابتاع الظهر بمنزلة قوم إنما قاتلوا في ديارهم، فقام أبو [حديدة] فقال: يا أمير المؤمنين، إن كان الله ساق الهجرة إلينا في ديارنا فنصرناها وصدقناها ذاك الذي يذهب حقنا؟! فقال عمر : والله لأقسمن عليكم ثم قسم بين الناس، فأصاب كل رجل منهم نصف دينار إذا كان وحده، وإذا كانت معه امرأته أعطاه دينارا . [ ص: 430 ]

6358 - وحدثني علي ، عن أبي عبيد ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه قال: سمعت عمر يقول: لئن عشت إلى هذا العام المقبل لألحقن آخر الناس بأولهم حتى يكونوا بيانا واحدا .

قال أبو عبيد : بيانا واحدا: شيئا واحدا .

6359 - حدثنا علي ، عن أبي عبيد ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا سفيان ، عن الشيباني ، عن أسيد بن عمرو ، قال: بلغ عمر أن سعدا قال: من قرأ القرآن ألحقته في ألفين فقال: أف أف! أيعطي على كتاب الله؟!.

6360 - وحدثنا علي ، عن أبي عبيد ، قال: حدثنا عبد الله بن صالح ، عن الليث بن سعد ، عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه قال: كنا يوما عند عمر إذ جاءته امرأة أعرابية فقالت: يا أمير المؤمنين، أنا ابنة خفاف بن إيماء شهد الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر : نسب قريب، وأمر لها بطعام وكسوة، فقال رجل: أكثرت لها يا أمير المؤمنين. فقال: شهد أبوها الحديبية مع رسول الله ولعله قد شهد فتح مدينة كذا ومدينة كذا فحظه فيها، ونحن نجبيها أفلا أعطيها من ذلك . [ ص: 431 ]

قال أبو بكر : وقد اختلفت الأخبار عن عمر في هذا الباب، والمشهور من قول عمر عند كثير من الناس: التفضيل على السوابق، والغناء عن أهل الإسلام، والمشهور عن علي أنه سوى بين الناس .

6361 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا أبو جناب الكلبي قال: سمعت أبي يذكر أن عليا جمع المال في الرحبة من بين جوالق أبيض، وجوالق أسود، وقطيفة بيضاء، وقطيفة سوداء، وقوصرة وجلد ، ثم قال: هذا جناي وخياره فيه إذ كل جان يده إلى فيه غيري يا ابن النباح، ادع أمراء الأشياع، ادع لي العرفاء، ادع لي المقاتلة، هذا مالكم فاحملوه إلى مساجدكم فاقسموه بينكم . [ ص: 432 ]

وقال الشافعي : إن أبا بكر حين قال له عمر : أتجعل الذين جاهدوا في الله بأموالهم وأنفسهم وهجروا ديارهم له، كمن إنما دخل في الإسلام كرها؟! فقال أبو بكر : إنما عملوا لله، وإنما أجورهم على الله، وإنما الدنيا بلاغ وخير البلاغ أوسعه. وسوى علي بين الناس فلم يفضل (علينا) وهو الذي أختار، وأسأل الله التوفيق، وذلك أني رأيت قسم الله في المواريث على العدد فقد يكون الإخوة متفاضلين الغناء على الميت والصلة في الحياة، والحفظ بعد الموت فلا يفضلون، وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن حضر الوقعة من الأربعة الأخماس على العدد، ومنهم من يغنى غاية الغناء، ويكون الفتوح على يديه، ومنهم من يكون محضره إما غير نافع وإما ضرر بالجبن والهزيمة، ولو وجدت [الدلالة] على أن التفضيل أرجح بكتاب أو سنة كنت إلى التفضيل بالدلالة مع الهوى في التفضيل أسرع .