ذكر مجلس القاضي
قال : إذا صار القاضي إلى مجلسه، سلم على القوم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أبو بكر ولقوله: "ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم". وكذلك يفعل الخصمان إذا وصلا إليه اقتداء بأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم - خلاف ما تخلته العامة إذا وصلوا إلى حكامهم - فيسلمان - أو أحدهما - عليه فيرد السلام، فإن عطس القاضي شمتاه - أو أحدهما - ، وإن عطس أحدهما شمته القاضي أو صاحبه، ويجلس في مجلس حكمه يستقبل القبلة، لحديث "يسلم القليل على الكثير". عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ابن عباس "إن لكل شيء شرفا، وإن شرف المجالس ما استقبل به القبلة". . ويجلس الخصمان بين يديه، ويسوي بينهما في المجلس لا يرفع أحدهما على صاحبه
وقد اختلف فيمن يقدم إذا خفي عليه السابق منهما، فقال بعضهم: يجعل رقاعا مستوية في كل رقعة اسم صاحبها، ويجعل كل رقعة في بندقة من طين، ثم يأخذ بندقة ويكسرها ويقدم صاحبها حتى تنفد البنادق. ويحتج قائل هذا بالقرعة التي سنها النبي صلى الله عليه وسلم في غير موضع، [ ص: 518 ] ومنهم من رأى أن يمد خيطا يلي مجلسه أحد طرفي الخيط، ويلي الطرف الآخر ناحية مجلس الخصوم، فكل من جاء كتب اسمه في رقعة، ونقب الرقع وأدخل الرقع في طرف الخيط يلي هذا حتى يأتي آخرهم، فإذا جلس القاضي مد يده إلى الطرف الذي يليه من الخيط فيتناول رقعة وأمر بأن يدعى صاحبها فينظر في أمره، ثم لا يزال كذلك حتى يأتي على آخر الرقع، فإن كثرت الرقاع عليه وزال الوقت الذي يقضي فيه، عرف الطرف الذي كان يليه حيث جلس فتناول في المجلس الثاني الرقاع كفعله في المجلس الأول حتى تنفد الرقاع، وليس في الوقت الذي يقضي فيه القاضي سنة يعتمد عليه، والذي يجب إذا حضر الخصوم أن ينظر بينهم، ولا يؤخر ذلك في أي وقت وافوه لينظر بينهم .
بلغني عن سوار أنه كان يقعد للناس يومه كله .