ذكر الأخبار الدالة على أن للقاضي أن يصلح بين الخصمين
قال الله - جل ثناؤه - : ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ) . [ ص: 549 ]
6507 - حدثنا ، عن إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير : عائشة أبا جهم بن حذيفة مصدقا، فلاحه رجل في صدقته، فضربه أبو جهم فشجه، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: القود يا رسول الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لكم كذا وكذا". فلم يرضوا، فقال: "لكم كذا كذا". فلم يرضوا، فقال: "لكم كذا وكذا". فرضوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني خاطب على الناس ومخبرهم برضاكم". قالوا: نعم. فخطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إن هؤلاء الليثيين أتوني يريدون القود، فعرضت عليهم كذا وكذا فرضوا، أرضيتم؟" قالوا: لا فهم المهاجرون بهم، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يكفوا فكفوا، ثم دعاهم فزادهم فقال: "أرضيتم؟" قالوا: نعم. قال: "إني خاطب على الناس ومخبرهم برضاكم"، فخطب النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "أرضيتم؟" قالوا: نعم أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث .
6508 - وحدثنا ، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: حدثنا حجاج بن منهال حماد ، قال: حدثنا محمد بن إسحاق ، فحدثني محمد بن جعفر ، قال: سمعت زياد بن ضميرة الضمري يحدث ، عن أبيه وجده وقد شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم عروة بن الزبير حنينا ، عيينة بن بدر والأقرع بن حابس، فطلب عيينة بدم عامر بن الأضبط - وهو سيد قيس - ، والأقرع بن حابس يرد عن محلم بن جثامة - وهو سيد خندف - فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقوم عامر بن الأضبط: "هل لكم أن [ ص: 550 ] تأخذوا منا الآن خمسين بعيرا [و] خمسين إذا رجعنا إلى المدينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر فقام إلى ظل شجرة فجلس في ظلها، فقام إليه ..." وذكر الحديث .
6509 - وحدثنا ، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد المقرئ، قال: حدثنا المسعودي ، عن أبي حازم ، عن قال: سهل بن سعد انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شيء كان بين ناس من الأنصار ليصلح بينهم .
6510 - حدثنا أحمد بن هارون، قال: حدثنا ، قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر سفيان بن حمزة، عن كثير بن زيد ، عن الوليد بن رباح، عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أبي هريرة "الصلح جائز بين المسلمين، والمسلمون على شروطهم ما وافق منها" .
قال : وقد ذكرنا فيما مضى أبو بكر وقد روينا عن جماعة من القضاة أنهم أصلحوا بين الخصوم، أو أمروا بالصلح بينهم. كان أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجلين اللذين تداعيا في مواريث وأشياء قد درست وقال: "اذهبا فتوخيا واستهما ثم ليتحلل كل واحد منكما صاحبه". عبد الله بن [ ص: 551 ] عتبة يقول للخصوم: اصطلحوا، وهو قاض. وقد روينا عن شريح (أنه أمر بشيء، فالصلح بين نفسين مندوب إليه) . وروي عن عبد الله بن حسن أنه . أمر بالصلح بين خصمين
وقال : وإذا كان الأمر بينا عند القاضي فيما يختصم فيه الخصمان، فأحب أن يأمرهما بالصلح، ويتحللهما من أن يؤخر الحكم بينهما يوما أو يومين، فإن لم يجتمعا على تحليله لم يكن له ترديدهما، وأنفذ الحكم بينهما متى بان له، والحكم قبل البيان ظلم، والحبس بالحكم بعد البيان ظلم . الشافعي
وكان أبو عبيد يقول: إن الحاكم يسعه الصلح إذا كان كالذي في حديث ، فأما إذا استنارت الحجة [لأحد] الخصمين على الآخر، وتبين للحاكم موضع الظالم منهما من المظلوم، فليس بواسع له أن يحملهما على الصلح . أم سلمة
وكان يقول: عطاء بن أبي رباح لا يحل للإمام إذا تبين له القضاء أن يصلح بين من تبين له القضاء فيما بينهم .
وقال أصحاب الرأي: وإن طمع القاضي أن يصطلح الخصمان فلا بأس أن يردهما، ولا ينفذ الحكم بينهما لعلهما أن يصطلحا، ولا ينبغي للقاضي أن يردهم أكثر من مرة ومرتين إن طمع في الصلح فيما بينهم، وإن لم يطمع في ذلك أنفذ القضاء فيما بينهم . [ ص: 552 ]
6511 - حدثنا ، قال: أخبرنا محمد بن عبد الوهاب ، قال: أخبرنا جعفر بن عون مسعر ، عن محارب، قال: قال عمر : . ردوا الخصوم حتى يصطلحوا، فإن فصل القضاء يحدث بين القوم الضغائن