ذكر أرزاق القضاة
اختلف أهل العلم في أرزاق القضاة، فكرهت طائفة أخذ الرزق على القضاء:
6531 - حدثنا ، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز أبو نعيم ، قال: حدثنا شريك ، عن أبي حصين ، عن القاسم ، عن مسروق قال: عبد الله لقاضي المسلمين أن يأخذ عليه رزقا، ولصاحب مغانمهم . كره
6532 - حدثنا ، قال: حدثنا موسى بن هارون ، قال: حدثنا أبو بكر ، عن وكيع سفيان ، عن أبي حصين ، عن القاسم ، عن عمر قال: . لا ينبغي لقاضي المسلمين أن يأخذ أجرا، ولا لصاحب مغنمهم
وممن كره أن يأخذ القاضي على القضاء أجرا: ، الحسن البصري والقاسم ، وكان يقول: لو عملوا كمحتسبين كان أحب إلي، وإن أخذوا جعلا لم يحرم عليهم عندي، وقال الشافعي أحمد في القاضي: ما يعجبني أن يأخذ أجرا على القضاء، وإن كان فبقدر شغله مثل والي اليتيم. ورخصت طائفة في ذلك، رخص فيه ، وقال شريح: يوفيهم وليستوفي منهم . ابن سيرين
6533 - وحدثنا ، قال: حدثنا موسى بن هارون ، [ ص: 600 ] قال: حدثنا [ أبو بكر بن أبي شيبة أبو] معاوية ، عن حجاج ، عن نافع قال: (يأخذ) على القضاء أجرا زيد بن ثابت . كان
6534 - وحدثنا محمد بن علي ، قال: حدثنا ، قال: حدثنا سعيد بن منصور سفيان ، عن عامر بن شقيق ، عن أبي وائل أن عمر بن الخطاب على بيت المال، ابن مسعود على الصلاة، وعمار بن ياسر وابن حنيف على الجند، ورزقهم كل يوم شاة شطرها لعمار وربعها لابن مسعود ، وربعها لابن حنيف . استعمل
وقال : كان أرزاق عمال مالك المدينة من السوق .
وكان يرتزق منه حتى ولي أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فكتب إليه يعاتبه في ذلك، فكتب إليه عمر بن عبد العزيز إنما هي غفلة غفلتها، وفرض له سبعة وثمانين دينارا وثلثا عن بدل . أبو بكر
وقال في الليث بن سعد لذلك الإمام عليهم خراج أن يقطع برزقه على أهل الذمة، وهو يعلم أن إمامهم يجور في عمله أو لا يدري. قال القاضي يقطع له إمامه برزقه على قوم من المسلمين الليث : ليس له أن يأخذ منهم ما لا يستيقن حله، ولكنه إن هو استيقن أنهم لم يظلموا، أو قطع له على قوم بحق عليهم معروف فلا بأس أن يأخذه. وكان [ ص: 601 ] يقول: إسحاق بن راهويه . للقاضي أن يأخذ أجرا من بيت المال، لأن عمله للمسلمين وتركه أفضل
قال : وكان أبو بكر أبو عبيد يرخص في ذلك، واحتج في إباحته ذلك بما فرض الله للعاملين على الصدقة فجعل لهم منه حقا؛ لقيامهم وسعيهم فيها، وذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم ومنه ما فرض "من استعملناه على عمل فمن لم يكن له امرأة فليتزوج امرأة، ومن لم يكن له خادم فليتخذ خادما، ومن لم يكن له مسكن فليتخذ مسكنا". أبو بكر وعمر لأنفسهما من بيت المال، ثم لم يزل عليه أمر الخلفاء والناس، وكذلك سائر ولاة المسلمين، وإنما يفرض من ذلك على قدر عمالتهم وعنائهم عن الإسلام وأهله، فهناك يطيب الرزق لآخذه إن شاء الله تعالى .
قال : ومما يحتج به في إباحة أخذ الأرزاق من وجوهها للقضاة حديث أبو بكر عبد الله بن السعدي .
6535 - حدثنا ، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال: حدثنا الحميدي سفيان ، قال: حدثنا وغيره، عن معمر ، عن الزهري ، عن السائب بن يزيد حويطب بن عبد العزى، عبد الله بن السعدي أنه قدم على من عمر بن الخطاب الشام ، فقال له عمر : ألم أخبر أنك تلي أعمالا من أعمال الناس، فتعطى عمالتك فلا تقبل؟ فقلت: أجل إن لي أفراسا وأعبدا وأنا بخير، وأنا أريد أن يكون عملي صدقة على [ ص: 602 ] المسلمين. فقال عمر : لا تفعل فإني قد أردت مثل الذي أردت، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطيني العطاء فأقول: أعطه من هو أحوج إليه مني، وإنه أعطاني مرة مالا فقلت: أعطه من هو أحوج إليه مني. فقال: "يا عمر ، ما آتاك الله به من هذا المال من غير مسألة ولا إشراف نفس [فخذه] فتموله أو تصدق به، وما لا فلا تتبعه نفسك" عن .
6536 - حدثنا ، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل قبيصة ، قال: حدثنا سفيان ، عن ، عن إسحاق حارثة بن مضرب، قال: قال عمر : . إني أنزل مال الله مني بمنزلة مال اليتيم إن استغنيت استعففت، وإن احتجت استقرضت وقضيت
6537 - حدثنا ، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز محمد بن عمار الموصلي، قال: حدثنا عن المعافى بن عمران، ، قال: أخبرنا الأوزاعي الحارث بن يزيد ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن المستورد بن شداد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان عاملا فليكتسب زوجة، فإن كانت له زوجة، فليكتسب خادما، فمن لم يكن له مسكن فليتخذ مسكنا" .
وقد روينا أن عثمان أعطى على عمالته ثلاثمائة ألف فقال: إنما عملت لله، وإنما أجري على الله. فلم يأخذه . [ ص: 603 ] عبد الله بن الأرقم
قال : الأعلى والأسلم ترك الدخول في القضاء استدلالا بحديث أبو بكر : ابن عمر
6539 - حدثنا عبد الله بن عبد العزيز ، قال: حدثنا أبو الربيع ، قال: حدثنا الفرات بن أبي الفرات، قال: سمعت يحدث، معاوية بن قرة عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا على عمل فقال: يا رسول الله خر لي، قال: "اجلس والزم بيتك" .
قال : ولا شك أن الذي أشار به النبي صلى الله عليه وسلم أسلم وأعفى، فإن بلي رجل بأن يلي القضاء، وكان مستغنيا فأفضل له أن يحتسب ويعمل لثواب الله، فإن احتاج أن يرزق على قدر عمله من مال الفيء، وليس له أن يأخذ من أموال الصدقات، ولا من الغنائم شيئا، لأن لكل واحد من هذين المالين من يستحقه . أبو بكر
وكان يقول: نرى أن الشافعي قال: وينبغي للإمام أن يجعل مع رزق القاضي شيئا لقراطيسه وصحفه، وإذا فعل ذلك لم يكلف الطالب بأن يأتي بصحيفة، وإن لم يفعل قال القاضي: إن شئت جئت بصحيفة بشهادة شاهديك وكتاب خصومتك، وإلا لم أكرهك ولم أقبل منك أن تشهد عندي شاهدا الساعة بلا كتاب وأنسى شهادته. وقال أصحاب الرأي: لا بأس أن يكلف القاضي الطالب صحيفة يكتب فيها حجته وشهادة شهوده . [ ص: 604 ] تعطى أرزاق القضاة من خمس الخمس سهم النبي صلى الله عليه وسلم.