ذكر المدعى عليه يجحد ما ادعي قبله فتقوم عليه البينة بالحق فيأتي ببينة تشهد له بالبراءة
واختلفوا في الرجل يدعي قبل الرجل المال فيجحده المطلوب ، فيقيم الطالب البينة ، فيأتي المطلوب ببينة تشهد له بالبراءة مما [ ص: 48 ] يدعى عليه . فقالت طائفة : تقبل بينته ، هذا قول الشافعي، والنعمان، وقالت طائفة : لا يقبل منه بعد الإنكار مخرجا ، هذا قول مالك بن أنس ، وقيل وابن أبي ليلى، قال لأحمد بن حنبل سفيان : إن شريحا كان لا يقبل البينة بعد الجحود ، قال سفيان : الجحود أن يقول : ما جرى بيني وبينك شيء ثم يدعي البينة بعد إنكاره . كان لا يقبلها يقول : هو أكذب شهوده ، وبه قال ابن أبي ليلى أحمد بن حنبل، وإسحاق ، وقال النعمان : إذا قال : ما لك علي شيء قط فيأتي المدعي بالبينة عليه بالألف ، فيقيم المدعى عليه البينة أنه قد قضاها إياه قال : تقبل ، وإن قال المدعى عليه : ما كان لك علي شيء قط ولا أعرفك فأقام المدعي البينة بالألف ، وأقام المدعى عليه البينة أنه قد قضاها إياه لم يقبل منه .
وقال قائل : لا فرق بين هذين القولين ، لأنه في كل الحالين لم يكن منه اعتراف لدعوى خصمه ولا إكذاب لنفسه ويمكن أن يكون في وقت جحوده لمعاملته كان ناسيا لها فلا يقضى عليه بتكذيب حتى يلفظ بما لا يحتمل إلا معنى واحدا . [ ص: 49 ]