ذكر الأيمان في الدماء
اختلف أهل العلم في ، فقالت طائفة : الأيمان في الدماء تخالف جميع الأيمان ، الدم لا يبرأ منه إلا بخمسين يمينا ، وما سواه يستحق ، ويبرأ منه بيمين واحدة إلا اللعان ، فإنها بأربعة أيمان والخامسة (اللعان) هذا قول استحلاف المدعى عليه القتل وحجته في ذلك خبر القسامة ، وفيه قول ثان : وهو أن الذي يستحلف في غير باب القسامة يمين واحد ، هذا قول أصحاب الرأي ولا أحسبه إلا مذهب أهل الشافعي، المدينة .
قال ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبو بكر : "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه " .
فهذا الخبر يصرح بأنها يمين واحدة لا أيمان جماعة وليس لمتأول مع هذا الخبر تأويل ، ودخل في جملة قوله صلى الله عليه وسلم كل مدع وكل مدعى عليه إلا ما خص به النبي صلى الله عليه وسلم القسامة ، فإن ذلك باب مخصوص لا يجوز أن يؤخذ ما أصله موجود في سنة النبي صلى الله عليه وسلم فيجعل فرعه يقاس على أصل لا يشبهه ، وفي [ ص: 50 ] ذلك غلط من وجوه : أحدها : قياس الأصول بعضها على بعض . والثاني : أنه لو كان فرعا ما جاز أن يقاس على ما لا يشبهه . والثالث : أن أحق الناس أن يمتنع أن يجعل باب الدعوى في الدم قياسا على باب القسامة من لا يرى في القسامة القود ، لأنه يرى القود في الدم يدعيه الرجل ، ويمنع المدعى عليه من اليمين فيرى أن يحلف المدعي ويستحق الدم ، والقسامة يبدأ فيها المدعي باليمين ، والمدعى عليه في غير باب القسامة يبدأ باليمين ، وفيما قدمنا ذكره من رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لو يعطى الناس بدعواهم . . . ولكن اليمين على المدعى عليه " ما أغنى عن كل قول ، ومع ذلك إن من قول أصحابنا أن المخصوص لا يجوز القياس عليه كالمسح على الخفين ، وغير ذلك [من المسح ] أصحابنا يستعملون الأخبار المختلفة في موضعها إذا وجدوا إلى استعمالها سبيلا كصلاة الخوف يستعملون كل خبر في موضعه ، ويرون أن قول النبي صلى الله عليه وسلم "البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه " في البراري دون المنازل ، استدلالا بأن "لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول " ذكر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم على لبنتين مستقبل بيت المقدس فأحق الناس باستعمال الأخبار التي ذكرناها في باب الدعوى والبينات ، وباب القسامة كل خبر في موضعه من دعا إلى أن القول بالأخبار تجب كل خبر في موضعه على ما قد ذكرناه عنه . [ ص: 51 ] ابن عمر