ذكر النوع الثاني ] الخارج عن الجسد المختلف في وجوب [ الطهارة منه
ذكر [ الطهارة من ] دم الاستحاضة
افترق أهل العلم فيما يجب على المستحاضة من الطهارة خمس فرق، فقالت فرقة: تتوضأ لكل صلاة، روينا هذا القول عن علي بن أبي طالب، وابن عباس، وعروة. وعائشة،
50 - حدثنا أنا إسحاق، نا عبد الرزاق، معمر وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، قال: مثل غسالة اللحم، أو مثل غسالة السمك، أو مثل قطرة الدم (من) الرعاف، فإنما تلك ركضة من ركضات الشيطان في الرحم، فلتنضح بالماء، ولتتوضأ ولتصل" . "إذا رأت المرأة ما يريبها بعد الطهر
[ ص: 265 ]
51 - حدثنا نا علي بن عبد العزيز، أبو عبيد، نا عن هاشم بن القاسم، عن شعبة، عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس، ، قيل وإن سال؟ قال: "وإن سال مثل هذا المثعب" . سئل عن الاستحاضة، فقال: "إنما هو عرق عائد، أو ركضة من الشيطان، فلتدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتوضأ لكل صلاة"
52 - وحدثنا نا علي بن الحسن، عبد الله، عن سفيان، عن بيان، عن عن الشعبي، قمير، عن قالت: عائشة، . المستحاضة تجلس أيام أقرائها، ثم تغتسل غسلا واحدا، وتتوضأ لكل صلاة
[ ص: 266 ] وبه قال وأصحابه مالك عبد الملك بن الماجشون، ومحمد بن سلمة، وأبو مصعب، وهكذا قال فيمن تبعه من أهل الثوري العراق، وحكي ذلك عن ابن المبارك، وكذلك قال وعبد الرحمن بن مهدي، الشافعي، وأحمد، وإسحاق، غير أن وأبو ثور، أحمد وإسحاق اختارا لها أن تغتسل لكل صلاة، فإن لم تفعل جمعت بين الصلاتين بغسل، فإن لم تفعل، وتوضأت لكل صلاة أجزأتها.
وقالت فرقة: تغتسل لكل يوم غسلا واحدا. وقال بعضهم: وتتوضأ لكل صلاة، روينا عن رواية ثانية أنها قالت: تغتسل لكل يوم غسلا وتصلي. وقال عائشة تغتسل من ظهر إلى ظهر، وتتوضأ لكل صلاة. ابن المسيب:
[ ص: 267 ] وكذلك قال وقال الحسن البصري، إذا اغتسلت كل يوم غسلا أجزأها. الشعبي:
53 - حدثنا خشنام بن إسماعيل، نا محمد بن يحيى، نا عن وهب بن جرير، عن شعبة، داود، وعاصم، عن عن الشعبي، عن قمير امرأة مسروق، أنها قالت في عائشة، المستحاضة: تمسك عن الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل لكل يوم غسلا وتصلي.
وقالت فرقة ثالثة: تغتسل لكل صلاة، روي هذا القول عن علي، وابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير.
54 - حدثنا عن إسحاق، عن عبد الرزاق، أخبرني ابن جريج، أن أبو الزبير، ] ، أخبره قال: " سعيد بن [ جبير غلاما لها - أو مولى لها - أني مبتلاة لم أصل منذ كذا وكذا - حسبت أنه قال: منذ سنتين - وإني أنشدك الله إلا ما بينت لي في ديني، قال: وكتبت إليه أني أفتيت أن أغتسل لكل صلاة. ابن الزبير فقال أرسلت امرأة مستحاضة إلى ما أجد لها إلا ذلك. ثم جاء ابن الزبير: ابن عمر فقالا: ما نجد لها إلا ذلك " . وابن عباس
55 - حدثنا نا علي بن الحسن، عبد الله، عن سفيان، عن عبد الله بن [ ص: 268 ] مسلم، عن عن سعيد بن جبير، أن ابن عباس، عليا قال: تغتسل لكل صلاة. فقال ما أجد لها إلا ما قال ابن عباس: علي. امرأة، جاءت فقالت: إني استحضت منذ كذا وكذا، وقد حدثت أن
وقالت فرقة رابعة: تجمع بين الظهر والعصر بغسل واحد، وتجمع بين المغرب والعشاء بغسل واحد، وتغتسل للفجر غسلا، روي هذا القول، عن وهي الرواية الثالثة عنه. ابن عباس
56 - حدثنا عن إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، أيوب، عن أن امرأة من أهل سعيد بن جبير: الكوفة كتبت إلى كتابا، فإذا في الكتاب: ابن عباس سئل عن ذلك، فأفتاني أن أغتسل عند كل صلاة، علي بن أبي طالب قال: فقال إني امرأة أصابني بلاء [ وضر ] وإني أدع الصلاة الزمان الطويل، وإن اللهم لا أجد لها إلا ما قال ابن عباس: علي، غير أنها تجمع بين الظهر والعصر بغسل واحد، والمغرب والعشاء بغسل واحد، وتغتسل للفجر غسلا واحدا .
وبه قال عطاء بن أبي رباح وكان وإبراهيم النخعي، [ ص: 269 ] يعجبه هذا القول، فإن أخبرته أنها لا تقوى على ذلك، أمرها أن تغتسل من ظهر إلى ظهر، وتتوضأ لكل صلاة. الأوزاعي
وقد حكي عن قول خامس: (وهو) أن لا وضوء على المستحاضة لكل صلاة إلا أن يصيبها حدث بعد وضوءها من بول أو ريح أو ما أشبه ذلك مما ينقض الوضوء. ربيعة بن أبي عبد الرحمن
وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أخبار يوافق كل خبر منها قولا من هذه الأقاويل، غير قول ربيعة، وقد تكلم في أسانيدها.
والنظر دال على ما قال ربيعة، إلا أنه قول لا أعلم أحدا سبقه إليه، وإنما قلت النظر يدل عليه، لأنه لا فرق بين الدم الذي يخرج من المستحاضة قبل الوضوء، والذي يخرج في أضعاف الوضوء، والدم الخارج بعد الوضوء؛ لأن دم المستحاضة إن كان يوجب الوضوء، فقليل ذلك وكثيره - في أي وقت كان - يوجب الوضوء، فإذا كان هكذا وابتدأت المستحاضة في الوضوء فخرج منها دم بعد غسلها [ بعض ] أعضاء الوضوء، وجب أن ينتقض ما غسلت من أعضاء الوضوء؛ لأن الدم الذي يوجب الطهارة في قول من أوجب على المستحاضة الطهارة [ ص: 270 ] قائم، وإن كان ما يخرج منها بين أضعاف الوضوء، وما خرج منها قبل أن تدخل الصلاة، وما حدث في الصلاة منه [ لا ينقض طهارة وجب كذلك أن ما خرج منها بعد فراغها من الصلاة ] لا ينقض طهارة إلا بحدث غير دم الاستحاضة، هذا الذي يدل عليه النظر، ومع أنا قد روينا عن أنه استحب لمن به سلس البول أن يتوضأ لكل صلاة إلا أن يكون البرد يؤذيه، فإذا آذاه قال: رجوت أن لا يكون عليه الضيق في ترك الوضوء. مالك
وقد زعم يعقوب أن القياس في الجرح السائل، والمستحاضة أن لا تتوضأ، قال: ولكنا تركنا القياس للأثر، وقد ذكرت في المختصر الذي اختصرت هذا الكتاب منه الآثار التي رويت في هذا الباب وعللها، فمن أراد [ أخذ ] معرفة ذلك نظر في ذلك الكتاب - إن شاء الله.