ذكر الشهادة على الخط  
قال  أبو بكر   : أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يمنع أن يشهد الشاهد على خطه إذا لم يذكر الشهادة ولم يحفظها .  [ ص: 362 ] 
قال  الشعبي   : لا يشهد أبدا إلا على شيء يذكره ، فإنه من شاء انتقش خاتما أو من شاء كتب كتابا . وبه قال  قتادة   . 
وقال  مالك   : قد أثبت غير مرة بخط يدي أعرفه على شهادة لا أثبتها فلا أشهد . واحتج  مالك  بقول الله - جل ذكره - ( وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين   ) . 
وقال أحمد  في قوم أشهدوا على صحيفة ، فبعضهم ينظر فيها ، وبعضهم لا ينظر ، أيشهد الذي لم ينظر؟ فقال : إذا حفظ فليشهد ، فإن لم يحفظ فكيف يشهد؟! وقال أحمد   : إذا حفظ المعنى لم يبال غيره مثل الحدود والثمن . 
 6751  - حدثنا  علي بن عبد العزيز  ، عن أبي عبيد  قال : حدثنا أزهر السمان  ، عن ابن عون  ، عن نافع  قال : كان  ابن عمر  وصي رجل ، فأتاه رجل بصك قد درست أسماء شهوده ، فقال  ابن عمر   : يا نافع  اذهب به إلى المنبر فاستحلفه . فقال الرجل : يا  ابن عمر  أتريد أن تسمع بي الذي (يسمعني أشهد) يسمعني ها هنا؟ قال : صدق فاستحلفه وأعطاه إياه  . 
وقال أبو عبيد : وجه هذا الحديث عندي : أن يكون  ابن عمر  قد كان عرف أصل الحق على الميت ، إلا أنه خاف أن يكون قد قبضه منه الطالب فأحلفه لذلك ثم أعطاه إياه .  [ ص: 363 ] 
وممن مذهبه أن لا يشهد على الخط وإن عرفه حتى يذكر الشهادة ويعلمها   :  الشافعي  ، وأهل الكوفة  ، وأبو عبيد  ، وأكثر أهل العلم ، وبه نقول . وذلك أن الخط قد يمثل على الخط حتى لا يميز المميز بين الأشياء ، وقد كانوا فعلوا مثل هذا أيام  عثمان بن عفان  مثلوا على مثل خاتمه وكتابه ، في قصة مذكورة في مقتل عثمان  وأعلى ما يحتج به في هذا الباب قول الله - جل ذكره - : ( إلا من شهد بالحق وهم يعلمون   ) ، وقوله ( وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين   ) ، فغير جائز أن يشهد إلا بما يعلم ، والعلم يكون من وجوه ، وقد بينته في غير هذا الموضع . 
وقد روينا عن  الزهري  أنه قال : كان يقضى في أول الزمان أن ما أحدث الناس من المظالم ودعوى الباطل في كل حق مكتوب : بشهادة الأموات أن شهادتهم تجوز ، فلما أحدث الناس اكتتاب شهادات الموتى ، والدعوى على كل ميت ، صار القضاء إلى أن يأتي طالب الحق بشهداء على شهادة الموتى ، أو بكتاب حق يعرف خط كاتبه يعني ، وإلا كانت فيه الأيمان على الذي يدعى عليهم : بالله ما لطالب هذا على صاحبنا حق ، فمن حلف برأ نفسه ، ومن أبى  [ ص: 364 ] استحق عليه طالب الحق يمينه بالله ، أن هذا الكتاب لحق ، ثم كان على المدعى عليه أن يأتي بالبراءة أو يغرم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					