ذكر رجوع الزوج بالصداق على من غره
اختلف أهل العلم في فكان الرجل يتزوج المرأة يدخل بها ثم يجد بها جنونا أو جذاما أو برصا، رضي الله عنه يقول: على وليها المهر لزوجها كما غره وقد ذكرت إسناده فيما مضى. وبه قال عمر بن الخطاب . الأوزاعي
وفيه قول ثان: وهو أن الولي إن كان عالما بالعيب فالصداق عليه كما غره منها، وإن لم يعلم وهي امرأته إن شاء طلق، وإن شاء أمسك. وقال الزهري : إن كان الولي علم غرم، وإلا استحلف بالله ما علم، ثم هو على الزوج . وقتادة
وفيه قول ثالث: قاله قال: وإنما يكون ذلك لزوجها غرما إن كان الذي أنكحها هو أبوها أو أخوها أو من يرى أنه يعلم ذلك منها، وأما إذا كان وليها الذي أنكحها ابن عم أو مولى أو من العشيرة ممن لا يرى أنه يعلم ذلك منها فليس عليه غرم، وترد المرأة ما أخذت من صداق نفسها، ويترك قدر ما تستحل به . مالك
وفيه قول رابع: وهو أن لا يرجع بالمهر عليها ولا على وليها. هكذا قال رحمه الله وقد كان يقول بقول مالك إذ هو الشافعي بالعراق . [ ص: 427 ]
قال : أما من رأى أن للزوج الخيار فحجته في ذلك قول أبو بكر رضي الله عنه، ومن حجة من لا يرى التفريق بينهم أنهم قد أجمعوا أنهم إن وصفوها بالبصر فوجدت عمياء أو بالجمال فوجدت على غير ذلك أن لا خيار له، فحكم ما اختلفوا فيه من هذه العيوب حكم ما أجمعوا عليه من هذين العيبين، ولما فرقت السنة بين النكاح وبين البيوع في أن الحرة لا يتبرأ من عيوبها كما يتبرأ من عيوب الإماء، وأن نكاح الحرة جائز وإن لم توصف وترى، وليس كذلك شرى الإماء كان فرقا بينهما . عمر بن الخطاب
واختلفوا في سائر العيوب فكان يقول: لا ترد الحرة من عيب كما ترد الأمة. وقال إبراهيم النخعي في التي زنت وسرقت ولم يعلم: هي امرأته لا يفارقها ولا تفارقه. وحكي عن الزهري أنه قال في التي تزوجها على أنها شابة جميلة فإذا هي عجوز قبيحة: النكاح جائز والشرط باطل . الثوري
وهذا على مذهب مالك رحمه الله وقال والشافعي في التي تبغي قبل أن يدخل بها زوجها: النكاح كما هو . [ ص: 428 ] الشعبي
وهذا قول رحمه الله وأحمد، الشافعي وإسحاق ، وأصحاب الرأي .
وقد روي أن رجلا خاصم إلى شريح فقال: إن هؤلاء قالوا لي: إنا نزوجك أحسن الناس، فجاؤوني بامرأة عمشاء. قال: إن كان دلس لك عيب لم يجز .
وقال : لا يجوز الغرور. وقال طاوس عطاء في التي زنت أو سرقت ولم يعلم حتى نكحها، ثم أخبر قبل أن يجامعها قال: ليس لها شيء. وكان يقول: إذا تزوج امرأة وشرطوا أنها جميلة أو بصيرة فإذا هي عمياء أو مقطوعة اليد أو عوراء أو مفلوجة أو قبيحة فالقياس في ذلك كله أن له الرد إن كان فيه اختلاف، وإن كان إجماع فالإجماع أولى من النظر . أبو ثور
قال : ليس في شيء من ذلك خيار لهم . أبو بكر