ذكر الدود يخرج من دبر المرء
واختلفوا في فأوجب كثير منهم الوضوء، فممن قال عليه الوضوء: الدود يخرج من الدبر، عطاء، والحسن، وحماد بن أبي سليمان، وأبو مجلز، وكان والحكم بن عتيبة، الأوزاعي، والثوري، وابن المبارك، والشافعي، والنعمان وأصحابه يرون منه الوضوء .
[ ص: 298 ] قال ما خرج من ذكر، أو دبر رجل [ أو امرأة ] ، أو قبل امرأة - الذي هو سبيل الحدث - يوجب الوضوء، وكذلك الدودة والحصاة. وقال الشافعي: أحمد، وإسحاق، كقول وأبو ثور عطاء، وقال أحمد وإسحاق أيضا كقول الشافعي.
وروينا عن أنه قال: ما خرج من النصف الأعلى فليس عليه وضوء، وما خرج من النصف الأسفل فعليه الوضوء. أبي العالية
وقالت طائفة: ليس في الدود يخرج من الدبر الوضوء، روي هذا القول عن وبه قال: النخعي، حماد بن أبي سليمان، وقتادة، ومالك.
وقال في الذي يخرج من دبره الدم: لا وضوء عليه. مالك
وقال بعض أهل العلم: كل من تطهر فله أن يصلي بها ما لم يكن منه حدث يوجب عليه الطهارة كتاب، أو سنة، أو إجماع، فمما ينقض [ ص: 299 ] الطهارة ويوجب الوضوء: الغائط والريح يخرج من الدبر، والمذي والبول الخارجان من ذكر الرجل. وقال آخر: ودم الاستحاضة.
فأما وجوب الوضوء من الغائط فبالكتاب، ووجوب الوضوء من البول والمذي والريح تخرج من الدبر، فبالسنة ودم الاستحاضة وإن لم يكن فيه خبر ثابت يوجب منه الوضوء فهو قول عامة أهل العلم، فأما سوى ما ذكرناه مما أوجب فريق فيه الوضوء مما يخرج من القبل والدبر، وأسقط آخرون منه الوضوء ، فغير جائز نقض طهارة أجمع أهل العلم عليها بحدث مختلف في انتقاض طهارة من خرج منه ذلك.
فإن قال قائل: لم لم يجعل حكم ما اختلف فيه من هذا حكم ما أجمعوا عليه؟، قيل: لأن الطهارات عبادات، تعبد الله بها خلقه، غير معقول عللها، وقد يخرج من المخرج الواحد شيئان: أحدهما يوجب الاغتسال وهو المني، والآخر يوجب الوضوء وهو المذي، ودمان يخرجان من مخرج واحد: أحدهما يوجب الاغتسال وهو دم الحيض، ودم آخر يخرج من ذلك المخرج يوجب الوضوء وهو دم الاستحاضة، ويوجب أحدهما ترك الصلاة والصوم (مع وجوب الاغتسال، وغير جائز ترك الصلاة والصوم) بالدم الآخر، ومخرجهما واحد، فلو كانت الطهارات تجب للخارج والمخرج؛ لاستوت فيما يخرج من هذه المخارج.
وقد أوجب جماعة من أهل العلم الوضوء بأسباب غير ما يخرج من السبيلين، ونحن ذاكروها إن شاء الله فيما بعد.
[ ص: 300 ] قال وهذا قول يحتمل النظر، (والأكثر من أهل العلم على القول الأول) ، ولولا أن الدودة لا تخرج إلا بنداوة من غائط، وكذلك الحصى لا يكاد يخرج إلا بندوة من بول، لكان أصح القولين في النظر: قول من لا يرى في ذلك وضوءا، فأي ذلك خرج ومعه نداوة من غائط أو بول ففيه الوضوء؛ لأن قليل الغائط والبول وكثير ذلك يوجب الوضوء، والله أعلم. أبو بكر: