ذكر التعدي في الوديعة والعمل بها 
أجمع أهل العلم على أن المودع ممنوع من استعمال الوديعة ومن (تلفها)  ، وأجمعوا على إباحة استعمالها بإذن مالكها . 
واختلفوا في المستودع أو المبضع معه ، يخالفان فيستعملان الوديعة والبضاعة بغير إذن أصحابها . 
فقالت طائفة : كل واحد منهما ضامن لما تعدى فيه ، والربح لرب المال . كذلك قال  ابن عمر  ، وأبو قلابة  ،  ونافع مولى ابن عمر   . 
 8608  - حدثنا عن  إسحاق بن راهويه  ، حدثنا بشر بن محمد  ، حدثنا  الليث بن سعد  ، قال : حدثني نافع  ، عن  ابن عمر  ، قال : من اتجر بمال يتيم فالربح لليتيم ، والضمان عليه   . 
وبه قال  أحمد بن حنبل  وإسحاق  ، واحتج أحمد  بحديث عروة البارقي   . 
 8609  - حدثنا يحيى بن محمد  ، قال : حدثنا مسدد  ، قال : حدثنا سفيان  ، عن شبيب  ، قال : حدثني الحي  ، عن عروة  قال : أعطاني)  [ ص: 319 ] النبي صلى الله عليه وسلم دينارا أشتري به أضحية أو شاة فاشترى له اثنين فباع إحداهما بدينار وأتاه بشاة ودينار فدعا له بالبركة في بيعه ، فكان لو اشترى ترابا لربح فيه   . 
 8610  - وحدثنا  علي بن الحسن  ، قال : حدثنا  سليمان بن حرب  ، قال : حدثنا سعيد بن زيد  ، عن الزبير بن الخريت  ، عن أبي لبيد  ، عن عروة بن أبي الجعد البارقي  قال : عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم جلب فدفع إلي دينارا ، فقال :  "أي عروة  ، ائت الجلب فاشتر لنا به شاة" . فذهبت فاشتريت له به شاتين ثم جئت أقودهما - أو أسوقهما - فعرض لي رجل فاشترى أحد الشاتين بدينار ، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، هذه شاة وهذا ديناركم . قال : "وصنعت ماذا يا عروة  ؟ " . قال : فأخبرته ، قال : "بارك الله لك في صفقة يمينك"   . قال : فإن كنت لأقوم في سوق الكناسة فلا أرجع إلى أهلي حتى أربح أربعين ألفا  .  [ ص: 320 ] 
فاحتج بعضهم بهذا الحديث وقال : قد خالف عروة  ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وتعدى إلى غير ما أمر به ، وذلك أنه اشترى ما لم يؤمر به ثم باع ما لم يأذن له في بيعه ، فقبض النبي صلى الله عليه وسلم ذلك كله إليه ، فكذلك كل من تعدى في مال فربح فيه فالربح لرب المال ، واحتج  إسحاق  بحديث الغار . 
 8611  - حدثنا  عبد الله بن أحمد  ، قال : حدثني أبي ، حدثنا هشام  ، عن  ابن جريج  ، قال : أخبرني  موسى بن عقبة  ، عن نافع  ، عن  ابن عمر  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  "بينما ثلاثة نفر يمشون أخذهم المطر فأووا إلى غار في جبل ، فانحطت على غارهم صخرة من الجبل فأطبقت عليهم ، فقال بعضهم لبعض : انظروا أعمالا عملتموها صالحة فادعوا الله بها لعله يفرجها ، فقال أحدهم : اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران وامرأتان ، ولي صبية صغار كنت أرعى غنمهم ، فإذا رحت عليهم حلبت فبدأت بوالدي أسقيهما ، [فأقبلت] بقعبي يوما بالسحر ، ثم إني هبطت فوجدتهما قد ناما فحلبت كما كنت أحلب فجئت بالحلاب ، فقعدت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما وأكره أن أبدأ بالصبية ، والصبية يضغون عند قدمي ، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهما حتى طلع الفجر ، فإن كنت تعلم أني [قد] فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا فرجة نرى منها السماء ، ففرج الله بها فرجة فرأوا منها السماء ، ثم قال الآخر : اللهم إن كنت تعلم أني كانت لي بنت عم أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء ، فطلبت إليها نفسها فأبت حتى  [ ص: 321 ] آتيها بمائة دينار ، فسعيت حتى جمعت مائة دينار فجئتها بها ، فلما (وقفت) بين رجليها قالت : يا عبد الله ، اتق الله ولا تفضض الخاتم إلا بحقه ، فقمت عنها ، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجة ، ففرج الله لهم ، وقال الآخر : اللهم إني كنت استأجرت أجيرا بفرق ذرة فلما قضى عمله قال : أعطني حقي ، فعرضت عليه حقه فرغب عنه وتركه ، فلم أزل أزرعه حتى جمعت بقرا ورعاءها فجاءني فقال : اتق الله ولا تظلمني أعطني حقي ، فقلت : اذهب إلى تلك البقر وراعيها فخذها ، فقال : اتق الله ولا تهزأ بي ، فقلت : إني لا أهزأ بك فخذ تلك البقر وراعيها ، فأخذها فذهب بها ، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ، ففرج الله عنهم"  . 
قال  أبو بكر   : وقد كان  الشافعي  يقول إذ هو بالعراق  يقول بهذا المعنى ، وذكر حديث عبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطاب  في المال الذي دفعه عامل عمر إليهما وأمرهما أن يؤديا رأس المال إلى أمير المؤمنين ، فأخذ عمر المال ونصف الربح . 
قال  الشافعي   : وقد كانا ضامنين للمال ، وعلى الضمان أخذاه ، ولو هلك ضمنا ، ولم يقل عمر  ولا أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : لكما الربح بالضمان ، بل جمع عليهما الضمان وأخذ منهما بعض الربح .  [ ص: 322 ] 
واحتج (بعضهم) بأن الجميع قد أجمعوا على أن الرجل إذا اغتصب من آخر جارية فرباها و [غذاها] وعلمها حتى كبرت وتأدبت حتى صار ثمنها عنده أضعاف ما كان يوم اغتصبها ، أن المغصوب منه يأخذ الجارية ولا شيء للغاصب في الزيادة التي زادت ولا نماها . هذا قول  أبي ثور  ، وكذلك لو ولدت الجارية المغصوبة أولادا عند الغاصب أخذها المغصوب منه ، وجميع أولادها ، لا اختلاف في ذلك بين أهل العلم ، وكذلك الماشية وثمن النخل يغصبه المرء ، فكذلك نماء المال وربحه ، لأنه من المال لا فرق بينهما ، والله أعلم . 
وقالت طائفة : الربح كله للعامل . روينا هذا القول عن :  ابن عمر  ، وشريح  ،  وعطاء  ، و [  الشعبي   ] ،  والحسن البصري  ، ويحيى الأنصاري  ، وربيعة  ، وبه قال  مالك   والثوري  ، الربح له في القضاء بضمانه ، وأن يتنزه عنه أحب إلي . 
وقال  الأوزاعي   : من ضمن شيئا فله ربحه ، وأسلم له أن يصدق به . 
وقال عبيد الله بن الحسن   : من ضمن مالا فله ربحه . 
وقالت طائفة : إذا ربح في المال الذي هذا سبيله تصدق بالربح . هذا قول  الشعبي  ، قال في المضارب إذا خالف كان يرى أنه ضامن ، وليس  [ ص: 323 ] لواحد منهما الربح ، يتصدقان به . 
وروينا عن مجاهد  أنه قال في الوديعة : إذا حركها صاحبها فالربح ليس لواحد منهما يتصدق به . 
وكذلك قال  النخعي  في المضارب يخالف ، وكذلك قال حماد   . وروي معنى ذلك عن  أبي العالية  ،  ومكحول  ، والحكم   . 
وقال [أصحاب] الرأي في الرجل تكون عنده الوديعة فيعمل بها ويربح ولم يأذن له صاحبها ، قالوا : هو ضامن للوديعة ، والربح له يتصدق به ، ولا ينبغي له أن يأكله   . 
واحتج بعض من قال : يتصدق به ، بحديث : . 
 8612  - حدثناه  محمد بن إسماعيل الصائغ  ، قال : حدثنا الحسن بن علي  ، قال : حدثنا  يحيى بن آدم  ، قال : حدثنا سفيان  ، عن أبي حصين  ، عن شيخ من أهل المدينة  ، عن  حكيم بن حزام  ، قال : بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتري له أضحية بدينار ، فاشترى له أضحية بدينار فباعها بدينارين ، فابتاع أضحية وجاءه بدينار ، قال : فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم يبارك له في تجارته وتصدق به  .  [ ص: 324 ] 
وقال بعضهم : الربح [للمتعدي] ولا يطيب لرب المال ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ربح ما لم يضمن  ، قال : فلا يحل الربح لرب المال ، لأن ضمان المال على غيره . 
وقال آخر : الربح للمتعدي بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الخراج بالضمان   . 
قال  أبو بكر   : وأصح من ذلك كله أن الرجل إذا تعدى في الوديعة كانت عنده أو اغتصب مالا فاشترى من عين المال جارية بمائة دينار ، فقال للبائع : قد اشتريت مثل هذه الجارية بهذه المائة الدينار بعينها  ، أن البيع باطل ، لأنه اشترى جارية بمال لا يملكه ، وإذا كان هكذا ، حرم عليه وطء الجارية ، ولم يكن له أن يعتقها ولا يبيعها ولا يهبها ، لأنه غير مالك لها ، فإن باعها بمائتي دينار وربح فيها مائة دينار فإن بيعه باطل ، لأنه باع ما لا يملك إذا صارت الجارية في يد من اشتراها فهي على ملك البائع الأول ، والبائع غير مالك لمائتي الدينار التي قبض بل ملكها لمشتري الجارية ، فإذا جاء المودع أو المغصوب منه المائة دينار ببينة تشهد له بالمائة قضي له بها ، فأخذها ورجع بائع الجارية على المشتري المتعدي في الوديعة ، فأخذ الجارية منه إن وجدها عنده ، وإن لم يجدها عنده وقد باعها أخذها ممن هي في يده إذا ثبت ذلك ببينة تشهد له ، فإن كانت الجارية مستهلكة لا يقدر عليها ، وكان المتعدي في المال قد باعها بمائتي دينار فوجد المائة الدينار في يديه ، فإن كان المائتي دينار قيمة جاريته فله أخذها ، وإن كانت أكثر من مائتي دينار أخذ المائتي دينار وغرمه تمام قيمة الجارية . وإن كانت  [ ص: 325 ] قيمتها مائة دينار لم يسعه عندي أن يأخذ أكثر من قيمة جاريته وهي مائة دينار ، ويطلب المتعدي في الوديعة فيرد المائة على من أخذها منه لا يسعه عندي غير ذلك ، وإن كان من أخذها منه قد مات ردها على ورثته ، فإن لم يصل إليه ولا إلى ورثته صبر حتى ييأس من وصوله إليه ، فإذا أيس من ذلك يتصدق بها على ما رويناه عن  ابن مسعود  وغيره . 
ثبت أن  ابن مسعود  اشترى جارية بسبعمائة درهم ، فإما مات الرجل وإما (ترك) له [فنشد] عبد الله  حولا فلم يقدر عليه ، فخرج بالدراهم إلى مساكين عند سدة بابه فجعل يعطيهم ويقول : اللهم عن صاحبها فإن كره فلي وعلي الغرم  . 
وروينا عن رفيع والد عبد العزيز بن رفيع  ، أنه اشترى ثوبا من رجل بمكة  قال : فقبضت الثوب فانطلقت به لأنقده ثمنه ، قال : فضل مني (من) زحام الناس وطلبته فلم أجده ، فأتيت  ابن عباس  فذكرت له ذلك فقال : إذا كان من العام المقبل فانشد الرجل في المكان الذي اشتريته منه ، فإن قدرت عليه وإلا تصدقت بها ، فإن جاء بعد فخيره ، فإن شاء كانت له الصدقة ، وإن شاء أعطيته الدراهم وكانت لك الصدقة  . 
وروينا عن  معاوية بن أبي سفيان  أنه استحسن فتيا أفتى بها عبد الله بن الشاعر السكسي  في مائة دينار غلها رجل فقال : ادفع إلى معاوية  خمسها  [ ص: 326 ] وتصدق بالباقي عن ذلك الجيش . وممن مذهبه أن يتصدق بالمال الذي لا يعرف مكان صاحبه وأويس  منه : شريح  ،  والنخعي   . 
 8613  - حدثنا محمد بن علي  ، قال : حدثنا سعيد  ، قال : حدثنا سفيان  ، قال : حدثنا عامر بن شقيق  ، أنه سمع أبا وائل شقيق بن سلمة  يقول : اشترى عبد الله  جارية بسبعمائة درهم ، فإما مات الرجل وإما ترك له ، فنشده عبد الله  حولا فلم يقدر عليه ، فخرج بالدراهم إلى مساكين عند سدة بابه فجعل يعطيهم ويقول : اللهم عن صاحبها ، فإن كره فلي وعلي الغرم ، ثم قال : هكذا يصنع [باللقطة]   . 
 8614  - حدثنا  إسحاق  ، [عن]  عبد الرزاق  ، عن  الثوري  وإسرائيل  ، عن عامر بن شقيق  ، عن  أبي وائل شقيق بن سلمة  ، قال : اشترى  عبد الله بن مسعود  من رجل جارية بستمائة درهم أو سبعمائة درهم ، فنشده سنة لا يجد  ثم خرج بها إلى السدة فتصدق بها درهما ودرهمين عن ربها ، فإن جاء خيره ، فإن اختار الأجر كان له الأجر ، وإن اختار ماله ، كان له ماله . ثم قال  ابن مسعود   : هكذا فافعلوا باللقطة  . 
 8615  - حدثنا محمد بن علي  ، قال : حدثنا سعيد  ، قال : حدثنا  [ ص: 327 ]  أبو الأحوص  ، قال : حدثنا  عبد العزيز بن رفيع  ، قال : أخبرني أبي أنه ابتاع من رجل ثوبا بمكة  ، فقبضت منه الثوب فانطلقت به لأنقده ثمنه فضل مني في زحام الناس ، فطلبته فلم أجده  ، فأتيت  ابن عباس  فذكرت ذلك له فقال : إذا كان من العام القابل فانشد الرجل في المكان الذي (اشتريت منه) ، فإن قدرت عليه وإلا تصدق بها ، فإن جاء بعد فخيره ، (فإن شاء كانت له الصدقة) (وإن شاء كانت له الدراهم) وكانت لك الصدقة  . 
 8616  - حدثنا  موسى بن هارون  ، قال : حدثنا العباس بن الحسين القنطري  ، قال : حدثنا مبشر  ، عن  صفوان بن عمرو  ، عن حوشب  قال : غزا الناس [زمن] معاوية  وعليهم عبد الرحمن بن خالد بن  [ ص: 328 ] الوليد  فغل رجل من المسلمين مائة دينار رومية ، فلما انصرف الناس قافلين فندم الرجل فأتى عبد الرحمن بن خالد  ، فقال : إني غللت مائة دينار فاقبضها مني ، قال : قد افترق الناس فلن أقبضها منك حتى تأتي الله بها يوم القيامة ، فدخل على معاوية  ، فذكر له أمرها ، فقال معاوية  مثل ذلك ، فمر بعبد الله بن الشاعر السكسكي  وهو يبكي ، فقال : ما يبكيك ؟ قال : كان من أمري كذا وكذا فإنا لله وإنا إليه راجعون ، قال : مطيعي أنت ؟ قال : نعم . قال : ارجع إلى معاوية  فقل له : اقبض مني خمسك ، فادفع إليه عشرين دينارا ، وانظر إلى الثمانين الباقية فتصدق بها عن ذلك الجيش ، فإن الله يقبل التوبة ، والله أعلم بأسمائهم ومكانهم ، ففعل ذلك الرجل ، فبلغت معاوية  ، فقال : أحسن ، لأن أكون أفتيته بها أحب إلي من كل شيء أملكه  . 
وقال  الحسن البصري   والزهري  فيمن غل : يتصدق به   . 
وقال  مالك  في الوديعة يغيب صاحبها ولا يعرف له [موضع] ولا يعرف له ورثة إذا طال زمانه وأيس منه : تصدق بها عنه   . 
قال  أبو بكر   : ولأهل العلم في هذه المسألة قولان آخران ، أحدهما : أن من استودع مالا فذهب صاحبه لا يدرى من هو ، رفع إلى بيت المال   . 
روينا هذا القول عن :  عطاء بن أبي رباح   .  [ ص: 329 ] 
والقول الثاني [قول] قاله أصحاب الرأي ، قالوا في الوديعة يغيب ربها ولا يدرى أحي هو أو ميت ، ولا يدرى من وارثه : ينبغي للمستودع أن يمسكها أبدا حتى يعلم أحي هو أو ميت ، أو يعلم له وارث ، وهذا يشبه مذاهب  الشافعي   : إيقاف المال في مثل هذا حتى يتبين أمر صاحبه . 
قال  أبو بكر   : وإن كان المشترى ليس بعين المال ، ولكنه كان يشتري السلعة ثم يزن من المال الوديعة ، فالشراء ثابت والمال في الذمة ، وهو مالك للسلع بعقد الشراء وما كان من أرباح فيها فهي له ، وعليه مثل الدنانير التي أتلف لصاحبه . وهذا قول  الشافعي  ، آخر قوليه ، وعليه عوام أصحابه . 
وقد تكلم في حديث عروة البارقي  بعض الناس فزعم أنه غير ثابت ، أو في إسناده من هو مجهول رواه شبيب بن غرقدة  ، عن الحي ولم يسم من حدثه منهم ، ورواه سعيد بن زيد  ، عن الزبير بن الخريت  ، عن أبي لبيد  ،  [ ص: 330 ] وزعم أن أبا لبيد  مجهول ، لم يرو عنه كبير أحد ، وأن سعيد بن زيد  ضعيف الحديث عند أهل المعرفة بالحديث ، لا يجوز الاحتجاج بحديثه . 
وذكر هذا القائل حرفا طعن به [على] أبي لبيد  ، روي عن  سليمان بن حرب  أنه قال : أبو لبيد لمازة بن زبار ، كان لا يستتر من سب علي ، قال : وليس حديث عروة  من هذا الباب بسبيل ، عروة لم  [ ص: 331 ] يأخذ وديعة فتعدى فيها ، ولا غصب مالا ، إنما اشترى للنبي صلى الله عليه وسلم شيئا رآه (صالحا) ونظرا له فرضي النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ودعا له بالبركة ، ولو كان ما فعل تعديا لم يرض به ونهاه أن يعود لمثله . وحديث  حكيم بن حزام  لا يثبت ، لأنه عن شيخ مجهول من أهل المدينة   . وحديث الغار ليس من هذا الباب بسبيل ، لأن الرجل لم يأخذ ما ليس له ولكن الأجير تركه فلم يخلطه الرجل بماله ، ولكنه عمل فيه للأجير حتى كثر الشيء ونما ، ثم دفعه إليه بكماله وذلك كله تطوع منه وتفضل ، ألا ترى أنهم دعوا الله بأفضل ما تطوعوا به من الأعمال . 
				
						
						
