ذكر اللقيط والنفقة عليه 
أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا التقط لقيطا ، أن نفقته غير واجبة عليه وجوبا يؤخذ به كما يؤخذ المنفق على ولده   . 
واختلفوا في الرجل ينفق على اللقيط بغير أمر حاكم . 
فقالت طائفة : لا شيء له ، وهو متطوع فيما فعل . روينا هذا القول عن شريح   والشعبي  ، وبه قال عوام أهل الفتيا من علماء الأمصار منهم  مالك   وسفيان الثوري  ،  والأوزاعي  ،  والشافعي  ، والنعمان  ، وابن الحسن  ، ومن تبعهم من أهل العلم وبه نقول ، وذلك أنه متطوع فيما فعل إنما يجب  [ ص: 431 ] القيام بأمره ونفقته من بيت مال المسلمين . 
وقالت طائفة : يرجع بالنفقة عليه إذا أشهد . روينا هذا القول عن  النخعي  ، وعن شريح  ، وروينا - معنى ذلك - عن  عمر بن عبد العزيز  ، وروينا عن  عمر بن عبد العزيز  قولا ثالثا : وهو أن يستحلف أنه لم ينفق عليه احتسابا فإن حلف استسعى . 
وقد روينا عن علي قولا رابعا ، روينا عنه أنه قال : المنبوذ حر   . فإن طلب الذي رباه (بنفقته) (وكان) موسرا رد عليه ، وإن لم يكن موسرا كان ما أنفق عليه صدقة . 
وفيه قول خامس : قاله  أحمد بن حنبل  ، وهو أن نفقته إذا أنفق تؤدى عنه من بيت المال ، واحتج بالذي : روي عن عمر  أنه قال : هو حر ولك ولاؤه ، وعلينا نفقته من بيت المال . 
وفيه قول سادس : قاله  إسحاق بن راهويه  ، قال  إسحاق   : إن كان حين أنفق نوى أخذه عوض من بيت المال وإن تورع فلا شيء له ، فأما اللقيط فلا يكون عليه من ذلك شيء . 
وفيه قول سابع : روينا عن  عمر بن عبد العزيز  ، عن  عمر بن الخطاب  أنه قضى في ولد الزنا أنه يقاص صاحبه بما خدمه وما بقي استسعاه فيه   . قال : وقضيت أنا بقاصه بما خدمه ، وما بقي أديته عنه  [ ص: 432 ] من بيت المال . 
قال  أبو بكر   : وكل هذا إذا كانت نفقته بغير إذن [من] الإمام (فأما إذا) رفع أمره إلى الإمام فأمره أن ينفق عليه . 
ففي قول  الثوري   والشافعي  وأصحاب الرأي : يلزم ذلك اللقيط إذا بلغ وكان الذي أنفق بأمر الإمام قصدا بالمعروف . 
قال  أبو بكر   : وإذا كان اللقيط في مكان ليس به إمام وجب على الملتقط وعلى سائر المسلمين أن لا يضيعوه ويحيوه ولا يرجعون بشيء مما أنفقوه عليه ، فإن أمره الإمام أن ينفق عليه [ليرجع به عليه] فادعى أنه أنفق عليه مائة دينار ، وقال اللقيط : بل أنفق علي خمسين دينارا ، ففي هذا اختلاف . 
كان  الشافعي  يقول : وما ادعى قبل منه إذا كان ذلك قصدا . 
وقال غيره : القول قول (الملتقط) في الزيادة قال : لأنها دعوى ، وليس [كالأمين] والوصي ، وذلك أن [الأمين] يذكر في النفقة ما يبرأ به ، وهذا يدعي مالا لنفسه ، فقوله غير مقبول إلا ببينة .  [ ص: 433 ] 
وقال أصحاب الرأي : إذا أمره القاضي أن ينفق عليه على أن يكون دينا عليه فهو جائز ، وهو دين عليه ، وإذا أدرك اللقيط فكان عدلا جازت شهادته في قول  مالك   والشافعي  والكوفي  ، ولا أعلمهم مختلفون في هذا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					