ذكر بيع خدمة المدبر
واختلفوا في بيع خدمة المدبر : فقالت طائفة : لا يجوز بيعه ، لأنه غرر . كذلك قال مالك بن أنس قال : لا يجوز بيع خدمة المدبر ، لأنه [غرر] لا يدري كم يعيش سيده الذي دبره فذلك غرر لا يصلح وهي من المخاطرة .
وقال الأوزاعي : لا ينبغي أن تباع خدمة المدبر إلا أن يعتق ثم لا يستخدم .
وقال الأوزاعي : له أن يبيع خدمة المدبر والمدبرة من أنفسهما وولاؤهما للمولى .
قال أبو بكر : ولا يجوز بيع خدمة المدبر في قول الشافعي ، وكذلك قال أصحاب الرأي .
وحكى ابن جريج عن عطاء أنه كره ذلك يعني : بيع خدمة المدبر إلا من نفسه .
وفيه قول ثان : وهو أن لا بأس ببيع خدمته . هذا قول سعيد بن المسيب والزهري وإبراهيم النخعي . [ ص: 578 ]
ورخصت طائفة ثالثة في بيع خدمته من نفسه ، ومنعت أن تباع خدمته من غيره . هذا قول مالك بن أنس . قال مالك في المدبر إذا اشترى خدمته من سيده : إنه حر حين يشتريها .
وقال الحسن البصري في الرجل يبيع خدمة المدبر من نفسه فتوفي المولى وقد بقي عليه قال : هو حر لا شيء عليه .
وقال أحمد بن حنبل : لا بأس أن يشتري العبد خدمته من سيده .
وقال أحمد : هو مثل المكاتب .
وقال إسحاق : كما قال - يعني - بالعبد أنه قد دبره .
وقال محمد بن سيرين : لا يباع المدبر ، ولكن تباع خدمته من نفسه .
قال أبو بكر : وقد ذكرنا عن عطاء قوله .
قال أبو بكر : والذي به أقول ، أن بيع خدمة المدبر لا يجوز ، كما لا يجوز بيع ركوب الدواب واستعمال الأرضين ، وذلك لأن المبيع من ذلك مجهول غير معلوم ، ولا موقوف على حده ، يقل مرة ويكثر مرة ، وهو غرر لا يوقف له على وقت ولا حد ، وإذا دخل المبيع بعض ما ذكرناه بطل ، وكان داخلا في جملة بيع الغرر المنهي عنه .
والله أعلم . [ ص: 579 ]


