ذكر الأيمان في الطعام والشراب
أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن لم يحنث، كذلك قال من حلف أن لا يأكل طعاما، ولا يشرب شرابا فذاق شيئا من ذلك ولم يدخل حلقه ، الشافعي ، وأصحاب الرأي. وأبو ثور
قال : وكذلك نقول، وقد رخص غير واحد من أهل العلم للصائمة أن تمضغ الطعام لصبيها. أبو بكر
واختلفوا فيمن فكان حلف أن لا يأكل شيئين من الطعام سماهما، فأكل أحدهما، أو ليأكلن اليوم شيئين من الطعام سماهما، فأكل أحدهما، يقول إذا قال: والله لا آكل خبزا وزيتا، وأكل خبزا ولحما لم يحنث. الشافعي
وإن لم يحنث، حتى تدخلهما، كذلك قال قال لزوجته: أنت طالق إن دخلت هاتين الدارين، فدخلت إحداهما . الشافعي
وقال أصحاب الرأي: فأيهما أكل حنث، وإذا قال: والله لا أكلم فلانا ولا فلانا فأيهما كلم حنث، وقال إذا حلف أن لا يأكل شيئين من الطعام فسماهما، فقال: والله لا آكل كذا ولا كذا، : أبو ثور حنث، وحكي [ ص: 235 ] عن إذا قال: والله لا أذوق طعاما ولا شرابا، فذاق أحدهما أنه قال: مالك وإن قال: أنت طالق إن كسوتك هذين الثوبين، فكساها أحدهما، أنها قد طلقت. من حلف ألا يأكل شيئين وأكل أحدهما حنث،
واختلفوا فيمن فقالت طائفة: لا يحنث، كذلك قال حلف أن لا يأكل لحما فأكل سمكا، ، وأصحاب الرأي، وكذلك قال أبو ثور غير أنه قال: يحنث في الورع، وحكي عن مالك أنه قال: يحنث. الشافعي
وقال الثوري: أما في القضاء فتقع عليه، والنية فيما بينه وبين الله، وقال : السمك لحم، قال الله: ( قتادة لحما طريا ) .
واختلفوا فيمن حلف أن لا يأكل لحما فأكل شحما، فقال كثير منهم: لا يحنث، كذلك قال ، الشافعي ، وأصحاب الرأي، إلا أنهم قالوا: إن أكل شحما مما يكون مع اللحم يعنون شحم الجنب حنث، فأما شحم البطن فإنه لا يحنث، ولا يحنث إن أكل ألية. وأبو ثور
وقالوا جميعا: يحنث إن حلف أن لا يأكل اللحم، بلحوم الوحش والأنعام والطير، وكذلك قال ، وأصحاب الرأي في البطون، وحكي عن أبو ثور أنه قال: من حلف أن لا يأكل لحما فأكل شحما أنه يحنث. مالك
قال ومن مالك: فلا شيء عليه. [ ص: 236 ] حلف أن لا يأكل شحما فأكل لحما
قال : لا شيء عليه فيهما جميعا؛ لأن كل واحد منهما غير الآخر، وقال أبو بكر أحمد: إذا قال: لا بأس به إلا أن يكون أراد اجتناب الدسم. حلف ألا يأكل اللحم فأكل الشحم
وإذا فالأدم عند أهل حلف أن لا يأكل أدما ولا نية له، الكوفة: اللبن، والزيت، والخل، والزبد، وأشباه ذلك، فأي ذلك أكل حنث عندهم، وكذلك قال . أبو ثور
وقال النعمان ويعقوب في الجبن والبيض: لا يؤتدم، ولا يحنث. وقال محمد : يحنث في الجبن والبيض. وأبو ثور
وقال : كل ما يأكل الناس مع الخبز فهو أدم في اللغة والتعارف من طبيخ، أو شواء، أو لبن، أو سمن أو خل، أو زيت، أو جبن، أو زيتون، أو سمك طري، أو مالح، أو بيض، أو تمر، أو ما يأتدم به الناس فهو أدم. أبو ثور
وقال محمد بن الحسن : كل ما يؤكل مع الخبز مما الغالب عليه ذلك مثل اللحم المشوي والخبز، ونحو ذلك أدم.
قال : قول أبو بكر قول حسن. أبي ثور
واختلفوا فيمن فكان حلف أن لا يأكل شواء ولا نية له، يقول: كل ما يشوى من الطعام يحنث فيه، وقال أصحاب الرأي: إن لم تكن له نية فإنه لا يقع إلا على اللحم، فاللحم يحنث فيه إن أكله شواء، ولا يحنث في غير اللحم. [ ص: 237 ] أبو ثور
قال : كما قال أبو بكر أقول إذا لم يكن له نية. أبو ثور
وإذا برؤوس الحيتان، ولا يحنث إلا برؤوس الإبل والبقر والغنم، الشافعي وكذلك قال حلف أن لا يأكل رؤوسا لم يحنث في قول إذا لم يكن له نية. أبو ثور
وقال بعض أصحاب الرأي: إن لم يكن له نية فلا يقع هذا إلا على الغنم والبقر، هذا قول أبي حنيفة ، وقال أبو يوسف ومحمد : أما اليوم فإنما اليمين فيها على رؤوس الغنم.
قال : أبو بكر يجعل اليمين في باب اللحم إذا حلف أن لا يأكل لحما على الأسماء لا على التعارف، قال: يحنث بلحوم الطيور، وغير ذلك، ويجعل اليمين في باب الرؤوس على التعارف لا على الأسماء، والحجة في التفريق بينهما غير موجودة عندي. والله أعلم. الشافعي
وكذلك قال فيمن حلف أن لا يأكل بيضا أن ذلك على بيض الدجاج، والوز، والنعام؛ لأن البيض الذي يعرف هو الذي يزايل بائضه فيكون مأكولا وبائضه حي، ولا يحنث ببيض الحيتان.
وقال أصحاب الرأي: إذا لم يكن له نية فهو على بيض الطير والدجاج والوز وغيره من الطير، وإن أكل غيره لم يحنث.
وقال : إذا لم يكن له نية فهو على بيض الدجاج، وما يباع في السوق مما يتعارفه الناس، وإذا حلف أن لا يأكل فاكهة حنث في قول أبو ثور إذا أكل التفاح، والخوخ، والتين، والسفرجل، والكمثرى، [ ص: 238 ] والإنجاص، والمشمش، والبطيخ، والعناب، واللوز، والبندق، والفستق، والخرنوب الشامي، والغبيراء، وكل ما وقع عليه اسم الفاكهة في اللغة من الرطب واليابس. أبي ثور
قال: وليس ما خرج من النخل يسمى فاكهة، وقال في الرمان: إن كانت اللغة تسميه فاكهة فليس هذا بمانع، والعنب والخيار والقثاء ليس من الفاكهة، وإذا لم يكن له نية لم يحنث في قول أصحاب الرأي بالعنب، والرمان، والرطب، وهذا قول أبي حنيفة ، واحتج بقوله ( فيهما فاكهة ونخل ورمان ) وفي موضع آخر ( وعنبا وقضبا وزيتونا ) قال: فأخرج العنب من الفاكهة، وقال أبو يوسف، ومحمد : رآه حانثا.
قال : وقال بعض أهل العلم: كل ما سمته اللغة فاكهة فهو فاكهة، وليس في قوله ( أبو بكر فيهما فاكهة ونخل ورمان ) دليل على أن الرمان وتمر النخل ليسا من الفاكهة، كما ليس في ذكر الله الملائكة جملة دليل على أن جبريل وميكائيل المذكورين بعد ذكر الملائكة ليسا من الملائكة، قال الله: ( من كان عدوا لله وملائكته ) الآية، وكذلك عم الصلوات فقال: ( حافظوا على الصلوات ) ثم خص صلاة العصر بالأمر بالمحافظة عليها بعد أمره بالمحافظة على الصلوات فقال: ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) .
[ ص: 239 ] وإذا حلف أن لا يأكل من هذا الدقيق شيئا فأكل من خبزه ولا نية لم يحنث في قول الشافعي ، ويحنث في قول أصحاب الرأي، وإذا وأبي ثور لم يحنث في قول حلف أن لا يأكل هذه الحنطة فطحنت وأكلها خبزا أو سويقا الشافعي ، وأبي ثور وأبي حنيفة، ويحنث في قول أبي يوسف ومحمد .
قال : لا يحنث في هذه ولا في التي قبلها، وإذا حلف أن لا يأكل بسرا فأكل رطبا، أو حلف أن لا يأكل رطبا فأكل تمرا، أو لا يأكل بسرا فأكل [بلحا] أو لا يأكل (طعاما) فأكل (ملحا) أو لا يأكل لحما فأكل شحما، أو حلف أن لا يأكل زبدا فأكل لبنا، أو لا يأكل خلا فأكل مرقا فيه خل، لم يحنث في شيء من هذا عند أبو بكر في حكاية الشافعي عنه، وكذلك قال أبي ثور . أبو ثور
وفي قول أصحاب الرأي: إذا حلف أن لا يأكل من هذا البسر شيئا فأكل منه بعدما يصير رطبا أو تمرا لم يحنث، وكذلك لو حلف أن لا يأكل من اللبن شيئا فأكل منه بعدما صنع جبنا أو أقطا لم يحنث؛ لأنه قد تغير عن حاله. [ ص: 240 ]
قال : كل هذا لا يحنث فيه، وكان أبو بكر يقول: إذا حلف أن لا يأكل لبنا فأكل زبدا قال: قد حنث؛ لأن الزبد من اللبن، وإذا حلف أن لا يأكل زبدا فأكل لبنا لم يحنث. النخعي
وقال أحمد وإسحاق : إذا حلف أن لا يشرب اللبن فأكل الزبد فلا بأس به، وإذا حلف أن لا يأكل خبزا فأماثه وشربه، أو لا يشرب سويقا فأكله، لم يحنث في قول ، الشافعي ، وهو مذهب أصحاب الرأي. وأبي ثور
وإذا حلف أن لا يأكل هذه التمرة فسقطت في تمر، وأكل التمر كله حنث في قول ، الشافعي ، وأصحاب الرأي. وأبي ثور
وإذا حلف أن لا يأكل بسرا مذنبا، أو حلف أن لا يأكل رطبا فأكل بسرا مذنبا، فكان يقول: إذا كان الغالب عليه البسر كان بسرا، وإن كان الغالب عليه الرطب، وإن كان بقي فيه شيء من البسر فهو رطب، وفي قول أبو ثور : إذا حلف أن لا يأكل بسرا فأكل رطبا، وفي الرطبة شيء من البسر لم يحنث؛ لأن هذا الذي في الرطبة لا يسمى بسرا، ويحنث في قول أبي ثور أبي حنيفة ومحمد . [ ص: 241 ]
وإذا حلف أن لا يأكل رطبا فأكل ذلك البسر المذنب، ففي هذا قولان:
أحدهما: أنه يحنث وإن كان المذنب يقع عليه اسم البسر واسم الرطب، وهذا قول أبي حنيفة ، ومحمد .
والقول الآخر: أنه بسر وليس برطب حتى يرطب [منه] ما يسمى رطبا، وهذا لا يحنث، وهو قول أبي يوسف.
لم يحنث في قول وإذا حلف أن لا يأكل من هذا العنب شيئا، فأكل منه بعدما صار زبيبا ، وأصحاب الرأي. أبي ثور
وإذا حلف أن لا يأكل شيئا من الحلوى فما أكل من خبيص أو عسل أو سكر أو ناطف، وغير ذلك مما يسميه الناس حلوا حنث في قول ، وأصحاب الرأي. أبي ثور