باب في النذر في الصوم
واختلفوا فيمن نذر صوم يوم فوافق ذلك اليوم يوم عيد.
فقالت طائفة: يفطر ويقضيه، هذا قول النخعي والحسن والأوزاعي وأبي عبيد.
وقالت طائفة: لا قضاء عليه، كذلك قال مالك، وقد حكي عن مالك - رحمه الله - أنه قال: أرى أن يقضيه، إلا أن يقول: لم أرده بعينه، ولا المرض ولا رمضان، فلا أرى عليه قضاء ذلك اليوم. [ ص: 272 ]
وكان الشافعي يقول: لا قضاء عليه، وذلك إذا قال: لله علي أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان أبدا، فوافق فيما يستقبل يوم فطر أو أضحى، لا قضاء عليه، وقال في كتاب الصوم: ومن نذر صوم يوم الجمعة فوافق يوم فطر أفطر وقضى، ومن نذر أن يصوم يوم الفطر بعينه لم يصمه ولم يقضه؛ لأنه ليس له صومه.
وكان الحكم وحماد يقولان: إذا نذرت امرأة أن تصوم كل يوم جمعة فوافقها يوم الفطر والنحر، قالا: تكفر يمينها كل يوم وافق ذلك، وتصوم يوما مكانه.
وقال جابر بن زيد : تطعم مسكينا.
وقال قتادة : تصوم يوما مكانه.
وقال أبو ثور : تفطر وتقضي يوما مكانه، إذا قال: لله علي أن أصوم غدا، وكان يوم الأضحى وهو لا يعلم.
واختلفوا فيمن نذر صوم سنة بغير عينها، فكان الشافعي يقول: يفطر يوم النحر ويوم الفطر وأيام منى ويقضيها.
قال: وإن نذر صوم سنة بعينها فإنها كلها إلا رمضان، فإنه يصومه لرمضان، ويوم الفطر والنحر وأيام التشريق، ولا قضاء عليه، وكان مالك - رحمه الله - يقول: إذا لم ينو شيئا صام اثني عشر شهرا سوى رمضان، ويصوم مكان يوم الفطر ويوم الأضحى، ويصوم أيام التشريق في نذره لصيامه السنة.
وقال أبو ثور : [ ص: 273 ] إذا قال: لله علي صوم سنة بعينها، فأفطر يوم النحر ويوم الفطر وأيام التشريق قضاهن، وقد أوفى بنذره.
واختلفوا في الرجل يقول: علي صيام شهر، لا ينوي مقطعا ولا متتابعا، فقال مالك: أحب إلي أن يصوم ثلاثين يوما متتابعا.
وكان أبو ثور يقول: يصوم شهرا متتابعا بالأهلة، وإما بالأيام. وكان الشافعي يقول: ومن نذر صوم أيام، ولم يقل بعضها ولم ينوها أحببت أن يتابعها، فإن فرقها أجزأه، وفي كتاب محمد بن الحسن : إذا نوى شهرا بغير عينه فرق ذلك إن شاء.


