ذكر وما يجب عليه من حقوق بني آدم توبة المحارب قبل أن يقدر عليه
قال الله: ( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ) فاختلف أهل العلم في معنى هذه الآية، فقالت طائفة: ذلك لأهل الشرك. كذلك قال ، قتادة والزهري .
وفيه قول ثان: قاله مجاهد قال: ذلك على عهد رسول الله، وقد قيل [ ص: 406 ] فيه غير ذلك، قال في الذي يتلصص فيصيب الحدود ثم يأتي تائبا قال: لو قبل ذلك منهم اجترؤوا عليه، وفعله ناس كثير، ولكن لو فر إلى العدو ثم جاء تائبا لم أر عليه عقوبة. وقال كثير من أهل العلم: إن الآية في المسلمين، فإذا تاب المحارب الذي قد جنى الجنايات قبل أن يقدر عليه الإمام، سقط عنه ما كان لله من حد، وأخذ بحقوق الآدميين فاقتص منه من النفس والجراح، وأخذ ما كان معه من مال. كان عروة بن الزبير يقول في المحاربين إذا أصابوا أموال أهل الإسلام ثم تابوا وأصلحوا من قبل أن يقدر عليهم قال: لا يقام [عليهم] حد المحاربين، ولكن يقتص منهم لأهل الجراحات ما أصابوا منه من جراح، ويؤخذ منهم ما أخذوا من الأموال، وما استهلكوا من مال أخذوه كان ذلك في أموالهم، وإن قتل دفع إلى الأولياء، فإن شاؤوا قتلوا [وإن] شاؤوا عفوا. وكذلك قال مالك إلا في قوله: وإن كان قتل، فإن الشافعي يقول: يدفع إلى الولي، فإن شاء أخذ الدية، وإن شاء قتل، وإن شاء عفا. وقال الشافعي لا يأخذهم الإمام إذا تابوا من قبل أن يقدر عليهم بحد الله، وما كان للآدميين أخذوا به. وحكي هذا القول عن أصحاب الرأي، وكذلك حكاه عنهم غير أبو ثور: [ ص: 407 ] أبي ثور .
وحكي عن أنه قال: إذا أعلن بمحاربة العامة والأئمة وأصاب الدماء والأموال فامتنع بمحاربته من الحكم عليه ولحق بدار الحرب ثم جاء تائبا من قبل أن يقدر عليه، قبلت توبته ولم يتبع بشيء من أحداثه في حربه من دم خاصة ولا عامة وإن طلبه وليه . الليث بن سعد