1443 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي ، أنا ، أنا زاهر بن أحمد ، أنا أبو إسحاق الهاشمي عن أبو مصعب، عن مالك، وعن محمد بن المنكدر، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن أبيه، عامر بن سعد بن أبي وقاص، أسمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطاعون؟ فقال أسامة بن زيد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الطاعون رجز أرسل على بني إسرائيل، أو على من كان قبلكم، فإذا سمعتم به بأرض، فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض، وأنتم بها، فلا تخرجوا فرارا منه". أسامة بن زيد: أنه سمعه يسأل
وقال : "لا يخرجكم إلا فرار منه". أبو النضر
هذا حديث متفق على صحته، أخرجه عن محمد، وأخرجه عبد العزيز بن عبد الله، عن مسلم، كلاهما عن يحيى بن يحيى، مالك.
قال ، قوله: "فلا تقدموا عليه" إثبات الحذر، والنهي عن التعرض للتلف، وفي قوله: "لا تخرجوا فرارا منه" إثبات [ ص: 255 ] التوكل والتسليم لقضاء الله، فأحد الأمرين تأديب وتعليم، والآخر تفويض وتسليم. أبو سليمان الخطابي
وروي عن فروة بن مسيك، قال: قلت: يا رسول الله أرض عندنا هي أرض ميرتنا، وإنها وبيئة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعها عنك فإن من القرف التلف".
والقرف: هو مداناة الوباء، وليس هذا من باب العدوى، وإنما هو من باب الطب، فإن استصلاح الأهوية معينة على صحة الأبدان، وفسادها مضر مسقم كالمطاعم والمشارب، وكل ذلك بإذن الله ومشيئته جلت عظمته.
وقيل: قوله: "فلا تقدموا عليه" رخصة لمن أراد أن لا يدخلها، وأحب أن ينصرف، وكذلك قوله عليه السلام: رخصة، فلو دخلها كان أقرب إلى التوكل، بدليل أن الصحابة اختلفوا على "فر من المجذوم" عمر حين استشارهم في دخول الشام، وقد وقع بها الطاعون، وقال أبو عبيدة: تفر من قدر الله. [ ص: 256 ] .
وروي أن الزبير بعث إلى مصر، فقيل له: إن بها الطاعون، فقال: إنما جبلنا لطعن وطاعون.
قال رحمه الله: يريد به الشهادة.
وروي أن جهز جيشا إلى أبا بكر الشام، فقال: اللهم اجعل مناياهم قتلا في سبيلك بطعن وطاعون.
وأما قوله: "وإذا وقع بأرض، وأنتم بها فلا تخرجوا" فهذا نهي إذا كان قصده بالخروج الفرار منه، فلو خرج منها لحاجة يريدها، أو سفر يقصده، فلا بأس به، بدليل، أنه قال: "فلا تخرجوا فرارا منه". [ ص: 257 ] .