2277 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي، أنا أنا زاهر بن أحمد، أنا أبو إسحاق الهاشمي، عن أبو مصعب، عن مالك، عن أبي الزناد، الأعرج، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها". أبي هريرة، عن
هذا حديث متفق على صحته ، أخرجه عن محمد ، وأخرجه عبد الله بن يوسف ، عن مسلم ، كلاهما عن عبد الله بن مسلمة القعنبي ، [ ص: 67 ] قال الإمام : المحرمات في كتاب الله عز وجل أربع عشرة سوى من يحرم الجمع بينهن : سبع بالنسب ، وسبع بالسبب ، منها اثنان بالرضاع ، وأربع بالصهرية ، والسابعة المحصنات ، وهن ذوات الأزواج ، فالنسب قوله سبحانه وتعالى : ( مالك حرمت عليكم أمهاتكم ) إلى قوله ( وبنات الأخت ) .
وجملته أنه يحرم على الرجل أصوله وفصوله ، وفصول أول أصوله ، وأول فصل من كل أصل بعده ، فالأصول : هي الأمهات والجدات وإن علون ، والفصول : هي البنات ، وبنات الأولاد ، وإن سفلن ، وفصول أول الأصول : هي الأخوات ، وبنات الإخوة ، والأخوات وإن سفلن ، وأول فصل من كل أصل بعده هي : العمات ، والخالات ، وإن علت درجتهن .
والرضاع قوله عز وجل : ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ) ، وجملته أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب .
والصهرية قوله تبارك وتعالى : ( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم ) .
وقوله تعالى ( وأمهات نسائكم ) إلى قوله ( من أصلابكم ) ، وجملته أن كل من عقد النكاح على امرأة تحرم المنكوحة على آباء الناكح وإن علوا ، وعلى أبنائه وأبناء أولاده من النسب والرضاع جميعا وإن سفلوا بمجرد العقد ، تحريما مؤبدا ، ويحرم على الناكح أمهات المنكوحة ، وجداتها من النسب والرضاع جميعا بمجرد العقد ، فإن دخل بالمنكوحة حرمت عليه بناتها ، وبنات أولادها من النسب والرضاع جميعا ، وإن فارقها قبل أن يدخل بها ، جاز له نكاح بناتها . [ ص: 68 ] .
هذه جملة اتفقت الأمة عليها إلا ما حكي عن علي " أن أم المرأة لا تحرم على الرجل ما لم يدخل بالبنت الربيبة" .
والوطء بملك اليمين يثبت حرمة المصاهرة كما بملك النكاح .
وروي أن عمر وهب لابنه جارية ، فقال : " لا تمسها فإني قد كشفتها" .
ووهب لابنه جارية ، فقال : " لا تقربها ، فإني قد أردتها ، ولم أنبسط إليها" . سالم بن عبد الله
وعن أيضا : التحريم بالكشف ، وقال القاسم بن محمد عند الموت لجارية : " بيعوها فإني لم أصب منها إلا ما يحرمها على ولدي من لمس أو نظر" . مسروق
ولو جامع امرأة بشبهة ، أو نكاح فاسد ، يحرم على الواطئ أمها وابنتها وهي على أبيه وابنه محرمة ، ولكن لا تثبت المحرمية ، يروى ذلك عن ومن زنى بامرأة ، فذهب جماعة إلى أنه لا يحرم على الزاني أم المزني بها وابنتها ، ولا الزانية على أبي الزاني وابنه ، علي ، وبه قال وابن عباس ، سعيد بن المسيب ، وعروة ، وإليه ذهب والزهري ، مالك ، وذهب جماعة إلى التحريم ، يروى ذلك عن والشافعي ، عمران بن حصين ، وبه قال وأبي هريرة ، جابر بن زيد ، والحسن ، وهو قول أصحاب الرأي .
ويروى ذلك عن يحيى الكندي ، عن فيمن يلعب بالصبي إن أدخله فيه ، فلا يتزوجن أمه ، الشعبي ويحيى هذا غير معروف لم يتابع عليه . [ ص: 69 ] .
ولا يجوز للرجل أن يجمع بين الأختين في النكاح ، سواء كانت الأخوة بينهما بالنسب ، أو بالرضاع ، لقوله سبحانه وتعالى : ( وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف ) فإن نكحهما معا فنكاحهما باطل .
وإن نكح واحدة ، ثم نكح الأخرى ، فنكاح الأخرى باطل ، فإن فارق الأولى قبل الدخول بها ، أو بعد ما دخل بها ، أو انقضت عدتها ، حل له نكاح الأخرى ، فأما قبل انقضاء عدتها لا تحل إن كانت رجعية ، وإن كانت بائنة ، فاختلفوا فيه ، فذهب جماعة إلى أنه يجوز له نكاح الأخرى ، وأربع سواها ، وهو قول القاسم ، وعروة ، وبه قال ربيعة ، ومالك ، وذهب قوم إلى أنه لا يجوز ما لم تنقض عدتها ، وهو قول والشافعي ، أصحاب الرأي .
وكذا لا يجوز الجمع في النكاح بين المرأة وعمتها ، أو خالتها ، وإن علت في الدرجة من الرضاع والنسب جميعا .
وجملته أن كل امرأتين من أهل النسب لو قدرت إحداهما ذكرا حرمت الأخرى عليه ، فالجمع بينهما حرام ، ولا بأس بالجمع بين المرأة وزوجة أبيها ، أو زوجة ابنها ، وإن كنا لو قدرنا إحداهما ذكرا ، حرمت الأخرى عليه ، لأنه لا نسب بينهما ، جمع بين عبد الله بن جعفر زينب بنت علي ، وامرأة علي ليلى بنت مسعود التميمي . [ ص: 70 ] .
قال ابن سيرين ، والحسن : لا بأس به .
وجمع الحسن بن الحسن بن علي بين بنتي عم في ليلة .
وكرهه للقطيعة ، وليس فيه تحريم ، لقوله سبحانه وتعالى ( جابر بن زيد وأحل لكم ما وراء ذلكم ) .
وكل امرأتين لا يجوز الجمع بينهما في النكاح ، فإذا اجتمعتا عنده بملك اليمين لا يجوز أن يجمع بينهما في الوطء ، حتى لو اشترى أما وابنتها ، فوطئ إحداهما ، حرمت الأخرى على التأبيد ، وإذا ملك أختين أو جارية وعمتها ، أو خالتها ، فإذا وطئ إحداهما لا يجوز له أن يطأ [ ص: 71 ] الأخرى حتى يحرم الأولى على نفسه ، نهى عمر بن الخطاب وعلي عن ذلك .
وقال كان نافع : أختان مملوكتان ، فوطئ إحداهما ، ثم أراد أن يطأ الأخرى ، فأخرج التي وطئها عن ملكه ، وسئل لابن عمر عثمان عن الأختين من ملك اليمين هل يجمع بينهما ، فقال عثمان : أحلتهما آية ، وحرمتهما آية ، فأما أنا ، فلا أحب أن أصنع ذلك ، فقال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : لو كان إلي من الأمر شيء ، ثم وجدت أحدا فعل ذلك ، جعلته نكالا .
قال أراه ابن شهاب : علي بن أبي طالب .
قال الإمام : قوله : أحلتهما آية ، أراد قوله سبحانه وتعالى : ( أو ما ملكت أيمانكم ) ، وقوله : حرمتهما آية قوله عز وجل : ( وأن تجمعوا بين الأختين ) .
وعامة الفقهاء على التحريم ، لأن قوله سبحانه وتعالى ( وأن تجمعوا بين الأختين ) أخص في هذا الحكم من قوله جل ذكره : ( أو ما ملكت أيمانكم ) في الأمر بحسن الائتمار ، ومثل ذلك لا يعم .
قال الإمام : فإذا ملك أختين ، فوطئ إحداهما ، فإذا حرم الموطوءة بعتق ، أو بيع ، أو تزويج ، أو كتابة ، حل له وطء الأخرى .
وهو قول مالك ، وقال والشافعي ، لا تحل له بالتزويج ، والكتابة ، ومن اشترى أمة ونكح أختها ، لا يحل له الوطء بملك اليمين . [ ص: 72 ] . أبو حنيفة :