442 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي، أخبرنا أنا [ ص: 317 ] زاهر بن أحمد، أنا أبو إسحاق الهاشمي، عن أبو مصعب، عن مالك، عن العلاء بن عبد الرحمن، أبيه، وإسحاق أبي عبد الله، أنهما أخبراه أنهما، سمعا يقول: أبا هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ثوب بالصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وائتوها وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا، فإن أحدكم في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة".
هذا حديث صحيح، أخرجه عن مسلم، قتيبة، وابن حجر وغيرهما، عن عن إسماعيل بن جعفر، العلاء، عن أبيه.
وقوله: "إذا ثوب بالصلاة" أراد الإقامة، وكل داع مثوب، قلت: المراد من السعي المذكور في الحديث الإسراع، وأما قوله سبحانه وتعالى في الجمعة: ( فاسعوا إلى ذكر الله ) فالمراد منه: الفعل.
روي أن مالكا سأل عن قول الله عز وجل ( ابن شهاب، يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) قال كان ابن شهاب: يقرؤها "فامضوا إلى ذكر الله"، قال عمر بن الخطاب وإنما السعي في كتاب [ ص: 318 ] الله: العمل والفعل، لا السعي على الأقدام، يقول الله سبحانه وتعالى: ( مالك: وإذا تولى سعى في الأرض ) ، ( إن سعيكم لشتى ) ، والسعي قد يكون مشيا، كقوله: ( فاسعوا إلى ذكر الله ) وقد يكون عدوا، كقوله تبارك وتعالى: ( وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى ) أي: يشتد ويعدو، ويكون عملا كقوله: ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ) أي: عمل، ويكون تصرفا، كقوله سبحانه وتعالى: ( فلما بلغ معه السعي ) أي: أدرك التصرف في الأمور. [ ص: 319 ] .
واختلف أهل العلم فيمن يخاف فوت التكبيرة الأولى، منهم من قال: يسرع، حتى قال بعضهم: يهرول، روي عن أنه سمع الإقامة وهو ابن عمر، بالبقيع، فأسرع المشي إلى المسجد، وقال إبراهيم: رأيت الأسود بن يزيد يهرول إلى المسجد.
ومنهم من كره الإسراع، واختار أن يمشي على وقار، وبه قال أحمد وإسحاق لحديث وروي عن أبي هريرة، إسحاق، لا بأس أن يسرع إن خاف فوت التكبيرة الأولى.
وقوله: "وما فاتكم فأتموا" هكذا روى الزبيدي، وابن أبي ذئب، وإبراهيم بن سعد، وشعيب بن أبي حمزة، عن كما رواه الزهري، وكذا رواه معمر، عن الأعرج، وكذا رواه أبي هريرة، ابن مسعود، وأبو قتادة، وأنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "فأتموا".
وقال عن ابن عيينة، وحده "فاقضوا". [ ص: 320 ] . الزهري
وفيه دليل على أن لأن الإتمام يقع على باقي شيء تقدم أوله، وهو مذهب الذي يدركه المسبوق من صلاة إمامه هو أول صلاته، وإن كان آخر صلاة الإمام، علي، وبه قال وأبي الدرداء، سعيد بن المسيب، والحسن البصري، ومكحول، وإليه ذهب وعطاء، الزهري، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق.
وذهب مجاهد، إلى أن الذي أدرك آخر صلاته، وما يقضيه بعده أولها، وبه قال وابن سيرين، سفيان الثوري، وأحمد، وأصحاب الرأي، واحتجوا بما روي في هذا الحديث "وما فاتكم فاقضوا"، وأكثر الرواة على ما قلنا.
ومن روى "فاقضوا" فقد يكون القضاء بمعنى الأداء والإتمام، كقوله سبحانه وتعالى: ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا ) وكقوله عز وجل: ( فإذا قضيتم مناسككم ) وليس المراد منه قضاء شيء فائت، فكذلك المراد من قوله: "فاقضوا" أي: أدوه في تمام. [ ص: 321 ] .