قال محمد رحمه الله : وهو قولنا : ولما اختلفوا في ذلك نظرنا فيه ، فكان الفقير الذي تحل له به الصدقة لا يخلو من أحد وجهين ، إما أن تكون به الضرورة إليها كالضرورة إلى الميتة ، فيكون الذي يحل منها للمضطر إليها ما يذهب به عنه خوف تلف نفسه ، أو يكون لعدم ملك مقدار من المال ، فرأيناهم جميعا لا يختلفون أن من كان يملك دون ما يغدي أهله أو يعشيهم أنه لا يخرج بذلك من الفقراء حتى تحرم عليه الصدقة التي تحل للفقراء .
فعقلنا بذلك أن الذي يحل من الصدقة للمضطر إليها ليس مثل الذي يحل لمضطر إلى الميتة منها للضرورة إليها ، وأنه إنما جعل لعدم مقدار من المال فنظرنا في ذلك فوجدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد روي عنه ما :
749 - حدثنا عن بحر بن نصر ، شعيب بن الليث ، عن أبيه ، عن سعيد بن أبي سعيد [ ص: 360 ] المقبري ، أنه سمع شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، يقول : " بينما نحن في المسجد دخل رجل على جمل ، فأناخه في المسجد ، ثم عقله ، ثم قال : أيكم أنس بن مالك ، محمد صلى الله عليه وسلم ؟ ، فقلنا : هذا الرجل المتكئ ، فقال له : يا ابن عبد المطلب ، آلله - عز وجل - أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم نعم " . عن
750 - حدثنا يحيى ، قال : حدثنا نعيم ، قال : حدثنا قال : حدثنا ابن المبارك ، عن زكريا بن إسحاق ، يحيى بن عبد الله بن صيفي ، عن أبي معبد ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن عباس ، لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : " إنك ستأتي قوما أهل كتاب ، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فإن أطاعوا لك فأخبرهم أن الله - عز وجل - فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله - عز وجل - قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم ، واتق دعوة المظلوم ، فإنه ليس بينها وبين الله - عز وجل - حجاب " . عن
751 - حدثنا قال : حدثنا أبو أمية ، خالد بن أبي يزيد القطريلي ، قال : حدثنا إسماعيل بن زكرياء ، عن الأعمش ، عن عن أبيه ، قال : " ابن أبي جحيفة ، وكنت غلاما بينهم ، فأعطاني منها قلوصا " هكذا حدثناه بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعيا على الصدقة فأمره أن يأخذ الصدقة من أغنيائنا فيقسمها في فقرائنا ، أبو أمية .
752 - وقد حدثنا قال : حدثنا محمد بن علي بن داود ، خالد بن أبي يزيد ، قال : حدثنا إسماعيل بن زكريا يعني : الحلقاني ، عن الأشعث ، عن عن أبيه ، فذكر مثله [ ص: 361 ] . ابن أبي جحيفة ،
فعقلنا بذلك أن وأن الذي لا يملكها فلا تؤخذ منه الصدقة ، وهو الذي تعطى له الصدقة كما قال من ملك الخمس الأواقي الذي عليه فيها الصدقة غني ، وأن الذي لا يملكها غير غني ، أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد .