وقد روي عن رضي الله عنه - أن قدومه من أرض ابن مسعود - الحبشة كان لمبادرة شهود بدر ، وبدر فإنما كانت بعد قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة بنحو من سنتين .
418 - وذلك أن حدثنا ، قال : حدثنا يزيد بن سنان قال : حدثنا أبو داود الطيالسي ، حديج بن معاوية ، قال : حدثنا عن أبو إسحاق ، عبد الله بن عتبة بن مسعود ، قال : " بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن ثمانون رجلا ، فينا عبد الله بن مسعود ، جعفر بن أبي طالب ، وعثمان بن مظعون ، وابن عرفطة ، وبعثت قريش عمرو بن العاص ، وعمارة بن الوليد بهدية ، فلما دخلا على النجاشي سجدا له ، وابتداه عن يمينه وعن شماله وقالا : إن ناسا من بني عمنا خالفونا ، ورغبوا عن ملتنا ، وقد نزلوا أرضك .
فأرسل إليهم النجاشي ، فقال جعفر لهم : أنا خطيبكم اليوم فاتبعوه ، فلما دخلوا على النجاشي سلم ولم يسجد له ، فقالوا له : ما لك لا تسجد للملك ؟
قال : إنا لا نسجد إلا لله - عز وجل - ، قالوا : وما ذاك ؟
قال : إن الله - عز وجل - بعث إلينا نبيه ، وأمرنا ألا نسجد إلا لله - عز وجل - ، وأمرنا بالصلاة والزكاة .
فقال عمرو : فإنهم يخالفونك في عيسى وأمه ، قال : نقول كما قال الله - عز وجل - ، هو كلمة الله وروحه ألقاها في العذرى البتول التي لم يمسها بشر ولم يقرضها ولد .
فقال النجاشي : يا معشر القسيسين والرهبان والحبشة ما زادها ، ولا على ما يقولونه في عيسى هذا ، وأخذ عودا من الأرض ، ثم قال : أنا أشهد أنه نبي وأنه الذي بشر به عيسى ، ولوددت آتي عنده فأحمل نعليه ، وأنه الذي نجده في الكتاب ، فأنزلوه من أرضي حيث شئتم " . عن