ذكر ما جرى من الدلائل في غزوة مؤتة :
457 - أخبرنا ثنا محمد بن أحمد الحسن بن الجهم قال ثنا الحسين بن الفرج قال ثنا قال : محمد بن عمر الواقدي
إن مؤتة دون دمشق ، أدنى البلقاء ، وإن النبي صلى الله عليه وسلم لما عسكر أصحابه بالجرف ، ولم يبين لهم الأمراء ، فلما صلى الظهر جلس ، وجلس أصحابه حوله ، فجاءه النعمان اليهودي ، فوقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس ، فقال [ ص: 529 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم : " زيد ، فإن قتل فجعفر ، فإن أصيب ، فإن أصيب فليرتض المسلمون منهم رجلا فليجعلوه عليهم فعبد الله بن رواحة " ، فقال أمير الناس النعمان : يا أبا القاسم إن كنت نبيا فسميت من سميت قليلا أو كثيرا أصيبوا جميعا ، لأن الأنبياء في بني إسرائيل كانوا إذا استعملوا الرجل على القوم قالوا : إن أصيب فلان ، فلو سموا مائة أصيبوا جميعا ، ثم جعل اليهودي يقول لزيد : اعهد ، فإنك لا ترجع إلى محمد أبدا إن كان نبيا ، قال زيد : فأشهد أنه صادق بار ، قال الواقدي : فلما التقى الناس بمؤتة جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو ينظر إلى معتركهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أخذ الراية زيد ، فجاءه الشيطان فحبب إليه الحياة وكره إليه الموت ، وحبب إليه الدنيا ، فقال : الآن حين استحكم الإيمان في قلوب المؤمنين تحبب إلي الدنيا ، فمضى قدما حتى استشهد رحمه الله ، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : استغفروا له ، ودخل الجنة وهو يسعى ، ثم أخذ الراية ، فجاءه الشيطان فمناه الحياة وكره إليه الموت ، فقال : الآن حين استحكم الإيمان في قلوب المؤمنين تمنيني الدنيا ، ثم مضى قدما حتى استشهد فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : استغفروا لأخيكم فإنه شهيد وقد دخل الجنة وهو يطير في الجنة بجناحين من ياقوت حيث يشاء من الجنة ، ثم أخذ الراية بعده جعفر بن أبي طالب ، فاستشهد ، ثم دخل الجنة معترضا ، فشق على عبد الله بن رواحة الأنصار ، فقيل : يا رسول الله ما اعتراضه ؟ قال : لما أصابته الجراح نكل ، فعاتب نفسه ، فاستشهد ، فدخل الجنة ، فسري عن قومه . [ ص: 530 ]