عجبت للجن وتجساسها وشدها العيس بأحلاسها تهوي إلى مكة تبغي الهدى
ما خير الجن كأنجاسها فارحل إلى الصفوة من هاشم
واسم بعينيك إلى رأسها
فلم أرفع بقوله رأسا ، وقلت : دعني أنام ، فإني أمسيت ناعسا ، فلما أن [ ص: 113 ] كان الليلة الثانية ، أتاني ، فضربني برجله ، وقال : ألم أقل لك يا سواد بن قارب قم فافهم واعقل ، إن كنت تعقل ، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله ، وإلى عبادته ، ثم أنشأ الجني وجعل يقول :
عجبت للجن وتطلابها وشدها العيس بأقتابها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما صادق الجن ككذابها
فارحل إلى الصفوة من هاشم ليس قدامها كأذنابها
قال : فلم أرفع بقوله رأسا ، فلما كان الليلة الثالثة أتاني فضربني برجله ، وقال : ألم أقل لك يا سواد بن قارب افهم واعقل إن كنت تعقل ، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله ، وإلى عبادته ، ثم أنشأ الجني يقول :
عجبت للجن وأخبارها وشدها العيس بأكوارها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما مؤمنو الجن ككفارها
فارحل إلى الصفوة من هاشم بين روابيها وأحجارها
فوقع في نفسي حب الإسلام ، ورغبت فيه ، فلما أصبحت شددت على راحلتي ، فانطلقت متوجها إلى مكة ، فلما كنت ببعض الطريق أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد هاجر إلى المدينة ، فأتيت المدينة ، فسألت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقيل لي في المسجد ، فانتهيت إلى المسجد ، فعقلت ناقتي ، وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس حوله ، فقلت : اسمع مقالتي يا رسول الله ، فقال ادنه ، ادنه ، فلم يزل بي ، حتى صرت بين يديه ، قال : هات ، فأخبرني بإتيانك رئيك ، فقلت [ ص: 114 ] : أبو بكر :
أتاني نجيي بعد هدء ورقدة فلم أك قد بلوت بكاذب
ثلاث ليال قوله كل ليلة أتاك رسول من لؤي بن غالب
فشمرت من ذيل الإزار ووسطت بي الذعلب الوجناء بين السباسب
فأشهد أن الله لا رب غيره وأنك مأمون على كل غائب
وأنك أدنى المرسلين وسيلة إلى الله يا ابن الأكرمين الأطائب
فمرنا بما يأتيك يا خير من مشى وإن كان فيما جاء شيب الذوائب
وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة سواك بمغن عن سواد بن قارب
قال : ففرح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بإسلامي فرحا شديدا ، حتى رؤي في وجوههم قال : فوثب إليه فالتزمه وقال : كنت أحب أن أسمع هذا منك . عمر