(أنا )  أبو سعيد بن أبي عمرو  ، نا  أبو العباس الأصم  ، أنا  الربيع  ، أنا  الشافعي  ، قال : " قال الله - تبارك وتعالى - : ( ولله على الناس حج البيت  [ ص: 113 ] من استطاع إليه سبيلا .   ) والاستطاعة - في دلالة السنة ، والإجماع -   : أن يكون الرجل يقدر على مركب وزاد : يبلغه ذاهبا وجائيا ، وهو يقوى على المركب . أو : أن يكون له مال ، فيستأجر به من يحج عنه . أو : يكون له من : إذا أمره أن يحج عنه ، أطاعه " . وأطال الكلام في شرحه . 
وإنما أراد به : الاستطاعة التي هي سبب وجوب الحج   . فأما الاستطاعة - التي هي : خلق الله تعالى ، مع كسب العبد . - : فقد قال  الشافعي  في أول كتاب (الرسالة ) : " والحمد لله الذي لا يؤدى شكر نعمة - من نعمه - إلا بنعمة منه : توجب على مؤدي ماضي نعمه ، بأدائها - : نعمة حادثة يجب عليه شكره [بها ] " . 
وقال بعد ذلك : " وأستهديه بهداه : الذي لا يضل من أنعم به عليه " . 
وقال في هذا الكتاب : " الناس متعبدون : بأن يقولوا ، أو يفعلوا  [ ص: 114 ] ما أمروا : أن ينتهوا إليه ، لا يجاوزونه ؛ لأنهم لم يعطوا أنفسهم شيئا ، إنما هو : عطاء الله (جل ثناؤه ) . فنسأل الله : عطاء : مؤديا لحقه ، موجبا لمزيده " . 
وكل هذا : فيما أنبأنا  أبو عبد الله  ، عن  أبي العباس  ، عن  الربيع  ، عن  الشافعي   . 
وله - في هذا الجنس - كلام كثير : يدل على صحة اعتقاده في التعري من حوله وقوته ، وأنه لا يستطيع العبد أن يعمل بطاعة الله (عز وجل ) ، [إلا بتوفيقه ] . وتوفيقه : نعمته الحادثة : التي بها يؤدى شكر نعمته الماضية وعطاؤه : الذي به يؤدى حقه ، وهداه : الذي به لا يضل من أنعم به عليه . 
* * * 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					