(أخبرنا ) ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، قال : قال الربيع بن سليمان : " قال الله - عز وجل - : ( الشافعي إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب ) الآية " .
" فأحكم الله فرض الصدقات في كتابه ، ثم أكدها [وشددها ] ، فقال : ( فريضة من الله ) " .
" فليس لأحد : أن يقسمها على غير ما قسمها الله (عز وجل ) [عليه ] ، وذلك : ما كانت الأصناف موجودة ؛ لأنه إنما يعطي من وجد : كقوله : ( للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ) الآية ، وكقوله : ( ولكم نصف ما ترك أزواجكم ) ، وكقوله : ( ولهن الربع مما تركتم ) " .
[ ص: 161 ] " فمعقول - عن الله - عز وجل - : [أنه ] فرض هذا : لمن كان موجودا يوم يموت الميت . وكان معقولا [عنه ] أن هذه السهمان : لمن كان موجودا يوم تؤخذ الصدقة وتقسم " .
" فإذا أخذت صدقة قوم : قسمت على من معهم في دارهم : من أهل [هذه ] السهمان ، ولم تخرج من جيرانهم [إلى أحد ] : حتى لا يبقى منهم أحد يستحقها " .
ثم ذكر تفسير كل صنف : من هؤلاء الأصناف الثمانية ، وهو : فيما أنبأني (إجازة ) ، قال : نا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، قال : قال الربيع بن سليمان (رحمه الله تعالى ) : " فأهل السهمان يجمعهم : أنهم أهل حاجة إلى ما لهم منها كلهم ، وأسباب حاجتهم مختلفة ، [وكذلك : أسباب استحقاقهم معان مختلفة ] يجمعها الحاجة ، ويفرق بينها صفاتها " . الشافعي
" فإذا اجتمعوا : فالفقراء : الزمنى الضعاف الذين لا حرفة لهم ، [ ص: 162 ] وأهل الحرفة الضعيفة : الذين لا تقع حرفتهم موقعا من حاجتهم ، ولا يسألون الناس " .
" والمساكين : السؤال ، ومن لا يسأل : ممن له حرفة تقع منه موقعا ، ولا تغنيه ، ولا عياله " .
وقال في (كتاب فرض الزكاة ) : " " . الفقير (والله أعلم ) : من لا مال له ، ولا حرفة : تقع منه موقعا زمنا كان أو غير زمن ، سائلا كان أو متعففا
" والمسكين : من له مال ، أو حرفة : [لا ] تقع منه موقعا ، ولا تغنيه - : سائلا كان أو غير سائل " .
" قال : الشافعي : من عريف ، ومن لا يقدر على أخذها إلا بمعونته . سواء كانوا أغنياء ، أو فقراء " . والعاملون عليها : المتولون لقبضها من أهلها - : [ ص: 163 ] من السعاة ، ومن أعانهم
وقال في موضع آخر : " من ولاه الولي : قبضها ، وقسمها " . ثم ساق الكلام ، إلى أن قال : " يأخذ من الصدقة ، [بقدر ] غنائه : لا يزاد عليه [وإن كان موسرا : لأنه يأخذ على معنى الإجارة ] " .
وأطال الكلام : في المؤلفة قلوبهم ، وقال في خلال ذلك : " الشافعي " . وللمؤلفة قلوبهم - في قسم الصدقات - : سهم
" والذي أحفظ فيه - : من متقدم الخبر . - : أن جاء عدي بن حاتم ، (رضي الله عنه ) - أحسبه قال - : بثلاثمائة [ ص: 164 ] من الإبل ، من صدقات قومه . فأعطاه لأبي بكر الصديق (رضي الله عنه ) [منها ] : ثلاثين بعيرا ، وأمره أن يلحق أبو بكر بخالد بن الوليد ، بمن أطاعه من قومه . [فجاءه ] بزهاء ألف رجل ، وأبلى بلاء حسنا " .
" قال : وليس في الخبر - في إعطائه إياها - : من أين أعطاه إياها ؟ غير أن الذي يكاد يعرف القلب - : بالاستدلال بالأخبار (والله أعلم ) . - : أنه أعطاه إياها ، من سهم المؤلفة قلوبهم " .
" فإما زاده : ليرغبه فيما صنع ، وإما أعطاه : ليتألف به غيره من قومه : ممن لا يثق منه ، بمثل ما يثق به من " . عدي بن حاتم
" قال : فأرى : أن يعطى من سهم المؤلفة قلوبهم - : في مثل هذا المعنى . - : إن نزلت بالمسلمين نازلة . ولن تنزل إن شاء الله تعالى " . ثم بسط الكلام في شرح النازلة .
[ ص: 165 ] قال : " . والرقاب : المكاتبون من جيران الصدقة "
قال : " (صنف ) : دانوا في مصلحتهم ، أو معروف ، وغير معصية ، ثم عجزوا عن أداء ذلك : في العرض ، والنقد . فيعطون في غرمهم : لعجزهم " . والغارمون : صنفان
" (وصنف ) : دانوا في حمالات ، وصلاح ذات بين ، ومعروف ، ولهم عروض : تحمل حمالاتهم أو عامتها ، وإن بيعت : أضر ذلك بهم ، وإن لم يفتقروا فيعطى هؤلاء : [ما يوفر عروضهم ، [ ص: 166 ] كما يعطى أهل الحاجة . من الغارمين ] حتى يقضوا غرمهم " .
قال : " . وسهم سبيل الله : يعطى منه ، من أراد الغزو : من جيران الصدقة ، فقيرا كان أو غنيا "
قال : " وابن السبيل : من جيران الصدقة : الذين يريدون السفر في غير معصية ، فيعجزون عن بلوغ سفرهم ، إلا بمعونة على سفرهم " .
وقال في القديم : " قال بعض أصحابنا : هو : لمن مر بموضع المصدق : ممن يعجز عن بلوغ حيث يريد ، إلا بمعونة . قال : وهذا مذهب ، والله أعلم " . الشافعي
والذي قاله في القديم - في غير روايتنا - : إنما هو في رواية الزعفراني عن . الشافعي
* * *
[ ص: 167 ]