شهدت بأن الله حق وأنني لآلهة الأحجار أول تارك وشمرت عن ساقي الإزار مهاجرا
أجوب إليه الوعث بعد الدكادك لأصحب خير الناس نفسا ووالدا
رسول مليك الناس فوق الحبائك
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مرحبا بك يا عمرو فقلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي ابعثني إلى قومي لعل الله أن يمن عليهم بي كما من علي بك فبعثني إليهم فقال عليك بالرفق والقول السديد ولا تك فظا ولا متكبرا ولا حسودا فأتيت قومي فقلت يا بني رفاعة بل يا معشر جهينة إني رسول رسول الله إليكم أدعوكم إلى الجنة وأحذركم النار وآمركم بحقن الدماء وصلة الأرحام وعبادة الله ورفض الأصنام وحج البيت وصيام شهر رمضان شهر من اثني عشر شهرا من أجاب فله الجنة ومن عصى فله النار يا معشر جهينة إن الله وله الحمد جعلكم خيار من أنتم منه وبغض إليكم في جاهليتكم ما حبب إلى غيركم من العرب كانوا يجمعون بين الأختين ويخلف الرجل على امرأة أبيه والغزاة في الشهر الحرام فأجيبوا هذا النبي المرسل من بني لؤي بن غالب تناولوا شرف الدنيا وكرامة الآخرة وسارعوا في ذلك يكن لكم فضيلة عند الله فأجابوا إلا رجلا منهم فقال يا عمرو أمر الله عيشك أتأمرنا أن نرفض آلهتنا ونفارق جماعتنا ونخالف دين آبائنا إلى ما يدعونا إليه هذا القرشي من أهل تهامة لا ولا حبا ولا كرامة ثم أنشأ يقول :
إن ابن مرة قد أتى بمقالة ليست مقالة من يريد صلاحا
إني أرى من قوله وفعاله يوما وإن طال الزمان ذباحا
أتسفه الأشياخ ممن قد مضى من رام ذاك فلا أصاب فلاحا
فقال الكاذب مني ومنك أمر الله عيشه وأبكم لسانه وأكمه أسنانه قال عمرو بن مرة عمرو والله ما مات حتى سقط فوه وكان لا يجد طعم الطعام وخرس فخرج ومن أسلم من قومه حتى أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فكتب لهم كتابا هذه نسخته بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب أمان من الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب صادق ولسان ناطق مع عمرو بن مرة عمرو بن مرة لجهينة بن زيد أن لكم بطون الأرض وسهولها وتلاع الأودية وظهورها ترعون نباته وتشربون ما فيه على أن تقروا بالخمس وتصلوا صلاة الخمس وفي التيعة والصريمة شاتان إذا اجتمعتا وإن فرقتا شاة شاة ليس على أهل الميرة صدقة وليس للوارد التيعة والله يشهد على ما بيننا ومن حضر من المسلمين بكتاب قيس بن شماس فهذا حين يقول عمرو بن مرة :
ألم تر أن الله أظهر دينه وبين برهان القران لعامر
كتاب من الرحمن نور لجمعنا وأحلافنا في كل باد وحاضر
إلى خير من يمشي على الأرض كلها وأفضلها عند اعتكاك الضرائر
أطعنا رسول الله لما تقطعت بطون الأعادي بالظماء الخواطر
فنحن قبيل قد بنى المجد حولنا إذا اختليت بالحرب هام الأكابر
بنو الحرب نفريها وميض تلألؤ في أكف المغاور
ترى حوله الأنصار يحمون سربهم بسمر العوالي والصفيح البواتر
قال الإمام - رحمه الله - تفسير الألفاظ الغريبة في الحديث : قوله ساطعا يقال سطع الغبار إذا ارتفع ، وأشعر وجهينة قبيلتان ، وانقشعت أي انجلت ، وأبيض المدائن حضر المدائن ، وحقن الدماء حبسها وترك إراقتها ، والسادن الذي يخدم الأصنام ، وآلهة الأحجار أصنام من حجارة ، أجوب أقطع ، والوعث الأرض السهلة والدكداك الأرض الصلبة ، والحبائك السماوات واحدتها حبيكة ، لعل الله أن يمن عليهم بي أي يرزقهم الإسلام بسببي ، والفظ الغليظ السيء الخلق ، ورفض الأصنام تركها ، وقوله جعلكم خيار من أنتم منه يعني قبائل من قبائل العرب تركوا في جاهليتهم كثيرا مما كان يفعله غيرهم من العرب من الفواحش ، وقوله أمر الله عيشك دعاء عليه لما كان اسمه دعا عليه بهذا الدعاء أخذه من اسم أبيه مرة والذباح الذبح ، أتسفه إلي السفه [ ص: 124 ] رام طلب ، وأكمه أسنانه كذا في الكتاب ولو كان أكمه إنسانه لكان أظهر والإنسان إنسان العين ، وسقط فوه أي سنه ، وفي رواية فواه ، وفي رواية فحيى وكتب لهم كتابا أي حياهم ورحب بهم ، بكتاب صادق أي أرسله بكتاب صادق ، وتلاع الأودية أعاليها ، وقوله تشربون ما فيه كذا في الكتاب والصواب ماءه ، والتيعة والصريمة أربعون وهذا إذا كان الثمانون لشريكين فأما إذا كان لواحد ففي الثمانين شاة ، وقوله ليس للوارد التيعة أو التبعة لست أقف على معناه ، والأحلاف: الذين تحالفوا وتعاقدوا ، وقوله: عند اعتكال كذا في الكتاب باللام ولعله بالراء يقال اعتكر الغلام اختلط وإن كان باللام فمعناه اشتبه، وقيل: اعتكل الثوران تناطحا ، والظماء جمع ظمآن ، والخواطر المتحركة ، واختليت أي قطعت ، وقوله بنو الحرب نفريها أي نقطعها وسقط من الكتاب كلمة والصواب نفريها ببيض كأنها وميض تلألأ في أكف المغاور ، والمغاور جمع مغوار وهو الكثير الغارة ، يحمون سربهم يعني أهلهم ، بسمر العوالي يعني بالرماح ، والصفيح يعني السيوف ، البواتر القواطع . عمرو بن مرة