فصل: قال المصنف: كانت النسبة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان والإسلام فيقال مسلم ومؤمن، ثم حدث اسم زاهد وعابد ثم نشأ أقوام تعلقوا بالزهد والتعبد فتخلوا عن الدنيا وانقطعوا إلى العبادة واتخذوا في ذلك طريقة تفردوا بها وأخلاقا تخلقوا بها ورأوا أن صوفة واسمه الغوث بن مر فانتسبوا إليه لمشابهتهم إياه في الانقطاع إلى الله سبحانه وتعالى فسموا أول من انفرد به بخدمة الله سبحانه وتعالى عند بيته الحرام رجل يقال له بالصوفية أنبأنا ، عن محمد بن ناصر أبي إسحاق إبراهيم بن سعيد الحبال قال: قال أبو محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ قال سألت وليد بن القاسم فقال كان قوم في الجاهلية يقال لهم صوفة انقطعوا إلى الله عز وجل وقطنوا الكعبة فمن تشبه بهم فهم الصوفية. قال إلى أي شيء ينسب الصوفي؟ عبد الغني فهؤلاء المعروفون بصوفة ولد الغوث بن مر بن أخي تميم بن مر ، وبالإسناد إلى قال: كانت الإجازة بالحج للناس من الزبير بن بكار عرفة إلى الغوث بن مر بن أد بن طابخة ثم كانت في ولده وكان يقال لهم صوفة وكان إذا حانت الإجازة قالت العرب أجز صوفة. قال الزبير قال أبو عبيدة وصوفة وصوفان يقال لكل من ولي من البيت شيئا من غير أهله أو قام بشيء من أمر المناسك يقال لهم صوفة وصوفان. قال الزبير حدثني أبو الحسن الأثرم ، عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي قال: إنما سمي الغوث بن مرصوفة لأنه ما كان يعيش لأمه ولد فنذرت لئن عاش لتعلقن برأسه صوفة ولتجعلنه ربيط الكعبة ففعلت فقيل له صوفة ولولده من بعده قال الزبير وحدثني إبراهيم بن المنذري ، عن عبد العزيز بن عمران قال أخبرني عقال بن شبة قال قالت أم تميم بن مر وقد ولدت نسوة فقالت لله علي أن ولدت غلاما لأعبدنه للبيت فولدت الغوث بن مر فلما ربطته عند البيت أصابه الحر فمرت به وقد سقط واسترخى فقالت ما صار ابني إلا صوفة فسمي صوفة، وكان الحج [ ص: 157 ] وإجازة الناس من عرفة إلى منى ومن منى إلى مكة لصوفة.
فلم تزل الإجازة في عقب صوفة حتى أخذتها عدوان فلم تزل في عدوان حتى أخذتها قريش.