الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[فصل]

وأما مذهب الشافعي رحمة الله عليه قال حدثنا إسماعيل بن أحمد ، نا أحمد بن أحمد الحداد ، نا أبو نعيم الأصفهاني ، ثنا محمد بن عبد الرحمن ، ثنا أحمد بن محمد بن الحارث ، ثنا محمد بن إبراهيم بن جياد ، ثنا الحسن بن عبد العزيز الحروي قال سمعت محمد بن إدريس الشافعي يقول خلفت بالعراق شيئا أحدثته الزنادقة يسمونه التغيير يشغلون به الناس عن القرآن .

قال المصنف رحمه الله : وقد ذكر أبو منصور الأزهري - المغيرة قوم [ ص: 223 ] يغيرون بذكر الله بدعاء وتضرع وقد سموا ما يطربون فيه من الشعر في ذكر الله عز وجل تغييرا كأنهم إذا شاهدوها بالألحان طربوا ورقصوا فسموا مغيرة لهذا المعنى . وقال الزجاج سموا مغيرين لتزهيدهم الناس في الفاني من الدنيا وترغيبهم في الآخرة . وحدثنا هبة الله بن أحمد الحريري ، عن أبي الطيب طاهر بن عبد الله الطبري قال قال الشافعي الغناء لهو مكروه يشبه الباطل . ومن استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته . قال : وكان الشافعي يكره التغيير . قال الطبري فقد أجمع علماء الأمصار على كراهية الغناء والمنع منه وإنما فارق الجماعة إبراهيم بن سعد ، وعبيد الله العنبري وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . عليكم بالسواد الأعظم فإنه من شذ شذ في النار . وقال من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية .

قال المصنف قلت : وقد كان رؤساء أصحاب الشافعي رضي الله عنهم ينكرون السماع . وأما قدماؤهم فلا يعرف بينهم خلاف وأما أكابر المتأخرين فعلى الإنكار . منهم أبو الطيب الطبري وله في ذم الغناء والمنع كتاب مصنف حدثنا به عنه أبو القاسم الحريري ومنهم القاضي أبو بكر محمد بن مظفر الشامي أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي عنه . قال لا يجوز الغناء ولا سماعه ولا الضرب بالقضيب . قال ومن أضاف إلى الشافعي هذا فقد كذب عليه . وقد نص الشافعي في كتاب أدب القضاء . على أن الرجل إذا دام على سماع الغناء ردت شهادته وبطلت عدالته .

قال المصنف رحمه الله قلت : فهذا قول علماء الشافعية وأهل التدين منهم وإنما رخص في ذلك من متأخريهم من قل علمه وغلبه هواه . وقال الفقهاء من أصحابنا لا تقبل شهادة المغني والرقاص والله الموفق .

التالي السابق


الخدمات العلمية