فصل: وجمهور هذه التصانيف التي صنفت لهم لا تستند إلى أصل وإنما هي واقعات تلقفها بعضهم عن بعض ودونوها وقد سموها بالعلم الباطن. والحديث بإسناد إلى أبي يعقوب إسحاق بن حية قال سمعت وقد سئل عن الوساوس والخطرات فقال: ما تكلم فيها الصحابة ولا التابعون. أحمد بن حنبل
قال المصنف: وقد روينا في أول كتابنا هذا عن نحو هذا، وروينا عن ذي النون أنه سمع كلام أحمد بن حنبل فقال لصاحب له: لا أرى لك أن تجالسهم، وعن الحارث المحاسبي سعيد بن عمرو البردعي قال: شهدت وسئل عن أبا زرعة وكتبه فقال للسائل: إياك وهذه الكتب، هذه الكتب كتب بدع وضلالات عليك بالأثر فإنك تجد فيه ما يغنيك عن هذه الكتب. قيل له في هذه الكتب عبرة. قال: من لم يكن له في كتاب الله عز وجل عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة بلغكم أن الحارث المحاسبي ، مالك بن أنس ، وسفيان الثوري والأوزاعي والأئمة المتقدمة صنفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس وهذه الأشياء هؤلاء قوم خالفوا أهل العلم يأتوننا مرة بالحارث المحاسبي ومرة بعبد الرحيم الدبيلي ومرة بحاتم الأصم ومرة بشقيق ، ثم قال ما أسرع الناس إلى البدع.
أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، نا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي ، عن قال: أول من تكلم في بلدته في ترتيب الأحوال ومقامات أهل الولاية أبي عبد الرحمن السلمي فأنكر عليه ذلك ذو النون المصري وكان رئيس عبد الله بن عبد الحكم مصر وكان يذهب مذهب وهجره لذلك علماء مالك مصر لما شاع خبره أنه أحدث علما لم يتكلم فيه السلف حتى رموه بالزندقة. قال السلمي وأخرج من أبو سليمان الداراني دمشق وقالوا إنه يزعم أنه يرى الملائكة وأنهم يكلمونه وشهد قوم على أنه يفضل الأولياء على الأنبياء [ ص: 162 ] فهرب من أحمد بن أبي الحواري دمشق إلى مكة ، وأنكر أهل بسطام على أبي يزيد البسطامي ما كان يقول حتى أنه ذكر للحسين بن عيسى أنه يقول لي معراج كما كان للنبي صلى الله عليه وسلم معراج فأخرجوه من بسطام وأقام بمكة سنتين ثم رجع إلى جرجان فأقام بها إلى أن مات الحسين بن عيسى ثم رجع إلى بسطام قال السلمي وحكى رجل عن أنه يقول: إن الملائكة والجن والشياطين يحضرونه وإنه يتكلم عليهم فأنكر ذلك عليه العوام حتى نسبوه إلى القبائح فخرج إلى سهل بن عبد الله التستري البصرة فمات بها. قال السلمي وتكلم في شيء من الكلام والصفات فهجروه الحارث المحاسبي فاختفى إلى أن مات. أحمد بن حنبل
قال المصنف: وقد ذكر في كتاب السنة عن أبو بكر الخلال أنه قال: حذروا من أحمد بن حنبل الحارث أشد التحذير الحارث أصل البلية يعني في حوادث كلام جهم ذاك جالسه فلان وفلان وأخرجهم إلى رأي جهم ما زال مأوى أصحاب الكلام حارث بمنزلة الأسد المرابط أنظر أي يوم يثب على الناس.