فصل : واعلم أن ولهذا الفقر مرض فمن ابتلي به وصبر أثيب على صبره لمكان صبرهم على البلاء، والمال [ ص: 176 ] نعمة والنعمة تحتاج إلى شكر، والغني وإن تعب وخاطر كالمفتي والمجاهد والفقير كالمعتزل في زاوية، وقد ذكر يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام في كتاب سنن الصوفية باب كراهية أن يخلف الفقير شيئا. فذكر حديث الذي مات من أهل الصفة وخلف دينارين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيتان. أبو عبد الرحمن السلمي
قال المصنف: وهذا احتجاج من لا يفهم الحال؛ فإن ذلك الفقير كان يزاحم الفقراء في أخذ الصدقة وحبس ما معه فلذلك قال: كيتان، ولو كان المكروه نفس ترك المال لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد: ولما كان أحد من الصحابة يخلف شيئا، وقد "إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس" رضي الله عنه: حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما أبقيت لأهلك" فقلت مثله عمر بن الخطاب فلم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال قال وفي هذا الحديث دليل على ابن جرير الطبري: قال بطلان ما يقوله جهلة المتصوفة أن ليس للإنسان ادخار شيء في يومه لغده، وإن فاعل ذلك قد أساء الظن بربه ولم يتوكل عليه حق توكله. ابن جرير: وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "اتخذوا الغنم فإنها بركة" فيه دلالة على فساد قول من زعم من المتصوفة أنه لا يصح لعبد التوكل على ربه إلا بأن يصبح ولا شيء عنده من عين ولا عرض ويمسي كذلك ألا ترى كيف ادخر رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه قوت سنة؟.