في التخشع ومطأطأة الرأس وإقامة الناموس تلبيس إبليس على
قال المصنف رحمه الله : إذا سكن الخوف القلب أوجب خشوع الظاهر ولا يملك صاحبه دفعه فتراه مطرقا متأدبا متذللا وقد كانوا يجتهدون في ستر ما [ ص: 282 ] يظهر منهم من ذلك . وكان يضحك بالنهار ويبكي بالليل . ولسنا نأمر العالم بالانبساط بين العوام فإن ذلك يؤذيهم . فقد روي عن محمد بن سيرين علي رضي الله عنه ومثل هذا لا يسمى رياء لأن قلوب العوام تضيق عن التأويل للعالم إذا تفسح في المباح فينبغي أن يتلقاهم بالصمت والأدب وإنما إذا ذكرتم العلم فاكظموا عليه ولا تخلطوه بضحك فتمجه القلوب وربما قيل له ادع لنا فكره ذلك واشتد عليه . وقد كان في الخائفين من حمله الخوف على شدة الذل والحياء فلم يرفع رأسه إلى السماء وليس هذا بفضيلة لأنه لا خشوع فوق خشوع رسول الله صلى الله عليه وسلم . وفي صحيح مسلم من حديث المذموم تكلف التخشع والتباكي ومطأطأة الرأس ليرى الإنسان بعين الزهد والتهيؤ للمصافحة وتقبيل اليد قال أبي موسى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يرفع رأسه إلى السماء . وفي هذا الحديث دليل على وقد قال الله تعالى : ( استحباب النظر إلى السماء لأجل الاعتبار بآياتها أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها ) وقال ( قل انظروا ماذا في السماوات والأرض ) وفي هذا رد على المتصوفين فإن أحدهم يبقى سنين لا ينظر إلى السماء . وقد ضم هؤلاء إلى ابتداعهم الرمز إلى التشبيه ولو علموا أن إطراقهم كرفعهم في باب الحياء من الله تعالى لم يفعلوا ذلك غير أن ما شغل إبليس إلا التلاعب بالجهلة . فأما العلماء فهو بعيد عنهم شديد الخوف منهم لأنهم يعرفون جميع أمره ويحترزون من فنون مكره .
أخبرنا ، محمد بن ناصر وعمر بن ظفر قالا أخبرنا محمد بن الحسن الباقلاني ، نا القاضي أبو العلاء الواسطي ، نا أبو نصر أحمد بن محمد ، نا أبو الخير أحمد بن محمد البزاز ، ثنا البخاري ، ثنا إسحاق ، ثنا محمد بن المفضل ، ثنا الوليد بن جميع ، عن قال : لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منحرفين ولا متماوتين وكانوا يتناشدون الشعر في مجالسهم ويذكرون أمر جاهليتهم فإذا أريد أحد منهم على شيء من أمر دينه دارت حماليق عينيه كأنه مجنون . أخبرنا أبي سلمة بن عبد الرحمن عبد الوهاب الحافظ ، ثنا جعفر بن أحمد ، نا عبد العزيز الحسن بن إسماعيل الضراب ، نا أبي، ثنا أحمد بن مروان ، ثنا ، ثنا إبراهيم الحربي محمد بن الحارث ، عن المدايني ، عن عن أبيه قال : نظر محمد بن عبد الله القرشي رضي الله عنه إلى شاب قد نكس رأسه فقال له : يا هذا ارفع رأسك فإن الخشوع لا يزيد على ما في [ ص: 283 ] القلب فمن أظهر للناس خشوعا فوق ما في قلبه فإنما أظهر نفاقا على نفاق . عمر بن الخطاب
أخبرنا ، نا عبد الوهاب المبارك بن عبد الجبار ، نا علي بن أحمد الملطي ، ثنا أحمد بن محمد بن يوسف ، ثنا ابن صفوان ، نا أبو بكر القرشي ثني يعقوب بن إسماعيل قال : قال عبد الله أخبرنا المعتمر ، عن كهمس بن الحسين أن رجلا تنفس عند كأنه يتحازن فلكزه عمر أو قال لكمه . عمر بن الخطاب
أخبرنا ، نا محمد بن ناصر جعفر بن أحمد ، نا ، نا الحسن بن علي التميمي أبو بكر بن مالك ، ثنا ثني أبي ثنا عبد الله بن أحمد ، نا أسود بن عامر ، عن أبو بكر عاصم بن كليب الجرمي : قال لقي أبي وهو يمشي وكان إذا مشى يمشي جنب الحائط متخشعا هكذا . وأمال عبد الرحمن بن الأسود عنقه شيئا فقال أبي ما لك إذا مشيت مشيت إلى جنب الحائط : أما والله إن عمر إذا مشى لشديد الوطء على الأرض جهوري الصوت . أبو بكر
أخبرنا محمد بن أبي طاهر ، نا أبو محمد الجوهري ، نا ابن حياة ، نا أبو الحسن بن معروف ، ثنا ، ثنا الحسين بن الفهم يرفعه إلى محمد بن سعد سليمان بن أبي خيثمة عن أبيه قال قالت ورأت فتيانا يقصرون في المشي ويتكلمون رويدا فقالت ما هذا قالوا نساك . قالت كان والله الشفا بنت عبد الله عمر إذا تكلم أسمع وإذا مشى أسرع وإذا ضرب أوجع وهو الناسك حقا .
قال المصنف رحمه الله : قلت وقد . وقد ذكرنا عن كان السلف يسترون أحوالهم ويتصنعون بترك التصنع أنه كان في ثوبه بعض الطول ليستر حاله . وكان أيوب السختياني يقول لا أعتد بما ظهر من عملي وقال لصاحب له ورآه يصلي ما أجرأك تصلي والناس يرونك . قال حدثنا سفيان الثوري ، ثنا محمد بن ناصر عبد القادر بن يوسف ، نا ، نا ابن المذهب القطيعي ، ثنا ، ثنا عبد الله بن أحمد أبو عبد الله يعني السلمي ، ثنا بقية ، عن قال : مر محمد بن زياد برجل ساجد فقال يا لها من سجدة لو كانت في بيتك . أبو أمامة
أخبرنا ، نا أبو منصور القزاز أبو بكر بن ثابت ، نا الجوهري ، ثنا محمد بن العباس ، ثنا محمد بن القاسم الأنباري ، ثنا الحارث بن محمد ، ثنا ، ثنا يحيى بن أيوب ، ثنا شعيب بن حرب الحسين بن عمار . قال رجل في مجلس الحسن بن عمارة آه [ ص: 284 ] قال : فجعل يتبصره ويقول من هذا حتى ظننا أنه لو عرفه أمر به . أخبرنا إسماعيل بن أحمد المقري ، نا أحمد بن أحمد الحداد ، ثنا ، نا أبو نعيم الحافظ أبو عبد الله محمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن محمد بن يعقوب ، ثنا ، ثنا أبو حاتم حرملة قال سمعت رضي الله عنه يقول : الشافعي
ودع الذين إذا أتوك تنسكوا وإذا خلوا فهم ذئاب خفاف
أخبرنا ، نا عبد الرحمن بن محمد القزاز أحمد بن علي بن ثابت ، نا أبو عمر الحسن بن عثمان الواعظ ، نا جعفر بن محمد الواسطي ، نا الحسين بن عبد الله الأبزاري قال سمعت يقول : كنت واقفا على رأس إبراهيم بن سعيد المأمون فقال لي يا إبراهيم : قلت لبيك قال عشرة من أعمال البر لا يصعد إلى الله والله لا يقبل منها شيء . قلت ما هي يا أمير المؤمنين فقال بكاء إبراهيم على المنبر ، وخشوع عبد الرحمن بن إسحاق ، وتقشف ابن سماعة ، وصلاة خيعويه بالليل ، وصلاة عباس الضحى ، وصيام ابن السندي الاثنين والخميس ، وحديث ، وقصص أبي رجاء الحاجبي ، وصدقة حفصويه وكتاب الشامي ليعلى بن قريش .