ذكر تلبيسه على النصارى
قال المصنف: تلبيسه عليهم كثير، فمن ذلك أن إبليس أوهمهم أن الخالق سبحانه جوهر، فقال اليعقوبية أصحاب يعقوب ، والملكية أهل دين الملك، والنسطورية أصحاب نسطورس: إن الله جوهر واحد أقانيم ثلاثة، فهو واحد في الجوهرية، ثلاثة في الأقنومية، فأحد الأقانيم عندهم الأب، والآخر الابن، والآخر روح القدس، فبعضهم يقول: الأقانيم خواص، وبعضهم يقول: صفات، وبعضهم يقول: أشخاص، وهؤلاء قد نسوا أنه لو كان الإله جوهرا لجاز عليه ما يجوز على الجوهر من التحيز بمكان، والتحرك، والسكون، والأوان، ثم سول لبعضهم أن [ ص: 72 ] المسيح هو الله. قال أبو محمد النوبختي: زعمت الملكية واليعقوبية أن الذي ولدته مريم هو الإله، وسول الشيطان لبعضهم أن المسيح هو ابن الله. وقال بعضهم: المسيح جوهران أحدهما قديم، والآخر محدث، ومع قولهم هذا في المسيح يقرون بحاجته إلى الطعام، ولا يختلفون في هذا، وفي أنه صلب، ولم يقدر على الدفع عن نفسه، ويقولون: إنما فعل هذا بالناسوت فهلا دفع عن الناسوت ما فيه من اللاهوت، محمد صلى الله عليه وسلم حتى جحدوه بعد ذكره في الإنجيل، ومن الكتابيين من يقول عن نبينا: إنه نبي إلا أنه مبعوث إلى العرب خاصة، وهذا تلبيس من إبليس استغفلهم فيه، لأنه متى ثبت أنه نبي; فالنبي لا يكذب، وقد قال: بعثت إلى الناس كافة، وقد كتب إلى قيصر، وكسرى، وسائر ملوك الأعاجم. ثم لبس عليهم أمر نبينا
ومن تلبيس إبليس على اليهود والنصارى:
أنهم قالوا: لا يعذبنا الله لأجل أسلافنا، فمنا الأولياء، والأنبياء، فأخبرنا الله عز وجل عنهم بذلك: ( نحن أبناء الله وأحباؤه ) ; أي منا ابنه عزير، وعيسى، وكشف هذا التلبيس: إن كان شخص مطالب بحق الله عليه، فلا يدفعه عنه ذو قرابته، ولو تعدت المحبة شخصا إلى غيره لموضع القرابة لتعدى البعض، وقد لا أغني عنك من الله شيئا، فاطمة: وإنما فضل المحبوب بالتقوى، فمن عدمها عدم المحبة، ثم إن محبة الله عز وجل للعبد ليست بشغف كمحبة الآدميين بعضهم بعضا; إذ لو كانت كذلك لكان الأمر يحتمل. قال نبينا صلى الله عليه وسلم لابنته