145 - فصل في ضابط ما يصح من أنكحتهم وما لا يصح .
إذا لقوله عز وجل : ( ارتفعوا إلى الحاكم في ابتداء العقد لم نزوجهم إلا بشروط نكاح الإسلام وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط ) ، وقوله : ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ) .
وإن لم ننظر إلى الحال التي وقع العقد عليها ولم نسألهم عنها ، ونظرنا إلى الحال التي أسلموا أو ترافعوا فيها ، فإن كانت المرأة ممن يجوز عقد النكاح عليها الآن أقررناهما ، وإن كانت ممن لا يجوز ابتداء نكاحها فرق بينهما . أسلموا وترافعوا إلينا بعد العقد
[ ص: 780 ] وعن أحمد ما يدل على أنا ننظر في المفسد ، فإن كان مؤبدا أو مجمعا على تحريمه لم نقرهم ، وإن لم يكن مؤبدا ، ولا مجمعا على تحريمه أقررناهم ، فإذا أسلما ، والمرأة بنته من رضاع ، أو زنا ، أو هي في عدة من مسلم متقدمة على العقد فرق بينهما ؛ لأن تحريم الرضاع مؤبد مجمع عليه ، وتحريم ابنته من الزنا - وإن لم يكن مجمعا عليه - فهو مؤبد والمعتدة من مسلم تحريمها - وإن لم يكن مؤبدا - فهو مجمع عليه .
وإن كانت العدة من كافر فروايتان منصوصتان عن أحمد : مأخذ الإقرار أن المفسد غير مؤبد ولا مجمع عليه ، فإن من لا يرى صحة نكاح الكفار لا يوجب على من توفي زوجها الكافر عدة الوفاة .
وإن كانت الزوجة حبلى قبل العقد ، أو قد شرط فيه الخيار مطلقا ، أو إلى مدة هما فيها فوجهان .
أحدهما : لا يقر عليه لقيام المفسد له .
والثاني : يقر ؛ لأن المفسد غير مجمع عليه ، فمن الناس من يرى جواز ، ومنهم من يرى صحة النكاح المشروط فيه الخيار كما هي إحدى الروايات عن نكاح الحبلى من الزنا أحمد ، بل أنصها كما تقدم .
وإن أسلما وكان العقد بلا ولي أو بلا شهود ، أو في عدة قد انقضت ، أو على أخت وقد ماتت ، أقرا عليه لعدم مقارنة المفسد للإسلام ، وحكم حالة الترافع إلى الحاكم حكم حالة الإسلام في ذلك كله .
قال : سألت مهنا أحمد عن يهودي ، أو نصراني ، أو مجوسي تزوج بغير شهود ؟ قال : هو كذلك ، يقرون على ما أسلموا عليه .
[ ص: 781 ] قلت : فإنه ؟ قال : نعم ، يقران على ذلك اليهودي والنصراني إذا تزوج امرأة في عدتها ثم أسلما جميعا يقران على نكاحهما . تزوج امرأة في عدتها ثم أسلما ، أيقران على ذلك
قلت لأحمد : بلغك في هذا شيء ؟ قال : نعم ، حدثني ، عن يحيى بن سعيد قال : قلت ابن جريج لعطاء : بلغك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقر أهل الجاهلية على ما أسلموا عليه ؟ قال ما بلغنا إلا ذلك .
قال : وسألت مهنا أحمد عن ؟ قال : نعم ، يقران على ما أسلما عليه ، من أسلم على شيء أقر عليه ، قلت حربي تزوج حربية بغير شهود ، ثم أسلما لأحمد : حربي تزوج حربية في عدتها من طلاق ، أو وفاة بغير شهود ، ثم أسلما ؟ قال : هما على نكاحهما ، من أسلم على شيء فهو عليه .
قال الخلال : أخبرنا ، حدثنا يحيى بن جعفر عبد الوهاب ، حدثنا ، عن ابن جريج عمرو بن شعيب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقر الناس على ما أسلموا عليه من طلاق ، أو نكاح ، أو ميراث توارثوا عليه .
قال : فذكرت ذلك ابن جريج لعطاء ، فقال : ما بلغنا إلا ذلك .