30 - فصل
[ بني تغلب ] هل تؤخذ الصدقة من غير
وهذا الحكم يختص ببني تغلب نص عليه أحمد .
وقال علي بن سعيد : سمعت أحمد يقول : ، إنما تؤخذ منهم الجزية إلا أن يكونوا صولحوا على أن تؤخذ منهم كما صنع أهل الكتاب ليس عليهم في مواشيهم صدقة ولا في أموالهم عمر رضي الله عنه بنصارى [ بني ] تغلب حين أضعف عليهم الصدقة في صلحه إياهم .
وقال صالح بن أحمد : قلت لأبي : ] ؟ قال : ليس عليهم فيها شيء إلا على هل على نساء أهل الذمة وصبيانهم ونخيلهم وكرومهم وزروعهم ومواشيهم [ صدقة نصارى بني تغلب .
[ ص: 218 ] وكذلك قال في رواية ابن منصور .
وقال : قلت حرب بن إسماعيل لأحمد : فالذي تكون له الغنم أو الإبل هل تؤخذ منهم ؟ قال : كيف تؤخذ منهم ؟ ! إلا نصارى بني تغلب فإنها تضاعف عليهم .
قال : وكذلك قال قوم في أرضهم تضاعف عليهم ، أراه قال : إن اشتروا من المسلمين .
وقال الميموني : قرأت على أبي عبد الله هل على أهل الذمة صدقة في إبلهم وبقرهم وغنمهم ؟ فأملى علي ليس عليهم .
وقال : لا نعلم في مواشي أهل الذمة صدقة ، إلا الزهري بني تغلب .
قال : وعمر رضي الله عنه لما أقرهم على النصرانية أضعف عليهم لأنهم عرب ، قلت : وتذهب إلى أن يؤخذ من مواشي بني تغلب خاصة ؟ قال : نعم ، قلت : وتضعف عليهم على ما فعل عمر رضي الله عنه ؟ قال : نعم .
[ ص: 219 ] وقال القاضي وأبو الخطاب : تنوخ وبهراء ، أو تهود من كنانة وحمير أو تمجس من تميم - حكم حكم من تنصر من بني تغلب سواء .
[ ص: 220 ] وهذا مخالف لنص أحمد ولعموم الأدلة ، فلا يلتفت إليه ، وإنما أخذ ذلك قياسا على نصارى بني تغلب وقد حكينا كلام أن هذا الحكم في الشافعي نصارى بني تغلب وتنوخ وبهراء ، والمحفوظ عن عمر رضي الله عنه إنما هو في نصارى بني تغلب خاصة وقد ظن القاضي وأبو الخطاب أن ذلك لكونهم عربا ، فألحقوا بهم هذه القبائل وهذا لا يصح ، وقد نص أحمد على الفرق كما ذكرنا نصوصه .
قال الشيخ في " المغني " : ولنا عموم قوله تعالى : حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذا إلى اليمن فقال : " " وهم عرب ، وقبل الجزية من خذ من كل حالم دينارا أهل نجران وهم من بني الحارث بن كعب .
قال : " الزهري أهل نجران وكانوا نصارى " . أول من أعطى الجزية
وأخذ الجزية من أكيدر دومة وهو عربي ، وحكم الجزية ثابت بالكتاب والسنة في كل كتابي عربيا كان أو غير عربي ، إلا ما خص به بنو تغلب لمصالحة عمر رضي الله عنه إياهم ، ففي من عداهم يبقى الحكم على عموم الكتاب وشواهد السنة ولم يكن بين غير بني تغلب وبين أحد من الأئمة صلح كصلح بني تغلب فيما بلغنا ، ولا يصح قياس غير بني تغلب [ ص: 221 ] عليهم لوجوه :
أحدها : أن قياس سائر العرب عليهم يخالف النصوص التي ذكرناها ، ولا يصح قياس المنصوص عليه على ما يلزم منه مخالفة النص .
الثاني : أن العلة في بني تغلب الصلح ، ولم يوجد الصلح مع غيرهم ولا يصح القياس مع تخلف العلة .
الثالث : أن بني تغلب كانوا ذوي قوة وشوكة ، لحقوا بالروم وخيف منهم الضرر إن لم يصالحوا ، ولم يوجد هذا لغيرهم ، فإن وجد هذا لغيرهم فامتنعوا من أداء الجزية وخيف الضرر بترك مصالحتهم ، فرأى الإمام مصالحتهم على أداء الجزية باسم الصدقة ، جاز ذلك إذا كان المأخوذ منهم بقدر ما يجب عليهم من الجزية أو زيادة .
وقد ذكر ذلك الشيخ أبو إسحاق في " المهذب " ونص عليه أحمد .
[ ص: 222 ] والحجة في هذا قصة بني تغلب وقياسهم عليهم .
قال علي بن سعيد : سمعت أحمد يقول : أهل الكتاب ليس عليهم في مواشيهم صدقة ، ولا في أموالهم ، إنما تؤخذ منهم الجزية إلا أن يكونوا صولحوا على أن تؤخذ منهم - كما صنع عمر رضي الله عنه بنصارى بني تغلب حين أضعف عليهم الصدقة في صلحه إياهم - إذا كانوا في معناهم .
أما قياس من لم يصالح عليهم في جعل جزيتهم صدقة فلا يصح ، والله أعلم انتهى .