1 - فصل
[ تقسيم الفيء والخمس ]
وقد احتج بحديث بريدة هذا من يرى أن موكولة إلى اجتهاد الإمام يضعه حيث يراه أصلح وأهم ، والناس إليه أحوج كما يقول قسمة الفيء والخمس مالك ومن وافقه رحمهم الله تعالى .
قالوا : والمهاجرون كانوا في ذلك الوقت أولى بذلك من غيرهم ، ولذلك لم يجعل فيه للأعراب شيء ، فإن المهاجرين خرجوا من ديارهم وأموالهم لله ، ووصلوا إلى المدينة فقراء ، وكان أحق الناس بالفيء هم ومن واساهم وآواهم .
قال القاضي عياض : ولذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤثرهم بالخمس على الأنصار غالبا إلا أن يحتاج أحد من الأنصار .
[ ص: 112 ] وأما رحمه الله تعالى فإنه أخذ بحديث الشافعي بريدة رضي الله عنه في الأعراب ، فلم ير لهم شيئا من الفيء وإنما لهم الصدقة المأخوذة من أغنيائهم المردودة في فقرائهم ، كما أن أهل الجهاد وأجناد المسلمين أحق بالفيء والصدقة .
وذهب أبو عبيد إلى أن هذا الحديث منسوخ ، وأن هذا كان حكم من لم يهاجر أولا في أنه لا حق له في الفيء ولا في الموالاة للمهاجرين ، [ ص: 113 ] ولا في التوارث بينهم وبين المهاجرين قال تعالى : والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا ، ثم نسخ ذلك بقوله : وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض ، وبقوله - صلى الله عليه وسلم - : " " فلم يكن للأعراب إذ ذاك في الفيء نصيب ، فلما اتسعت رقعة الإسلام وسقط فرض الهجرة صار للمسلمين كلهم حق في الفيء حتى رعاة الشاء . لا هجرة بعد الفتح ، ولكن جهاد ونية
قال رضي الله عنه : " لئن سلمني الله ليأتين الراعي نصيبه من هذا المال لم يعرق فيه جبينه " . عمر بن الخطاب