[ ص: 460 ]    88 - فصل  
[  حال   أبي جعفر المنصور  مع أهل الذمة      ]  
وأما   أبو جعفر المنصور  فإنه لما حج اجتمع جماعة من المسلمين إلى  شبيب بن شيبة  وسألوه مخاطبة  المنصور  أن يرفع عنهم المظالم ولا يمكن  النصارى   من ظلمهم وعسفهم في ضياعهم ، ويمنعهم من انتهاك حرماتهم وتحريهم لكونه أمرهم أن يقبضوا ما وجدوه لبني أمية .  
قال  شبيب     : فطفت معه ، فشبك أصابعه على أصابعي ، فقلت يا أمير المؤمنين ، أتأذن لي أن أكلمك بما في نفسي ؟ فقال : أنت وذاك ، فقلت : إن      [ ص: 461 ] الله لما قسم أقسامه بين خلقه لم يرض لك إلا بأعلاها وأسناها ، ولم يجعل فوقك في الدنيا أحدا ، فلا ترض لنفسك أن يكون فوقك في الآخرة أحد ، يا أمير المؤمنين ، اتق الله فإنها وصية الله إليكم جاءت ، وعنكم قبلت ، وإليكم تؤدى ، وما دعاني إلى قولي إلا محض النصيحة لك ، والإشفاق عليك وعلى نعم الله عندك ، اخفض جناحك إذا علا كعبك ، وابسط معروفك إذا أغنى الله يديك ، يا أمير المؤمنين ، إن دون أبوابك نيرانا تأجج من الظلم والجور ، لا يعمل فيها بكتاب الله ولا سنة نبيه  محمد   ، يا أمير المؤمنين ، سلطت الذمة على المسلمين ظلموهم وعسفوهم وأخذوا ضياعهم وغصبوهم أموالهم وجاروا عليهم ، واتخذوك سلما لشهواتهم ، وإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا يوم القيامة .  
فقال  المنصور     : خذ خاتمي فابعث به إلى من تعرفه من المسلمين ، وقال : يا  ربيع  اكتب إلى الأعمال واصرف من بها من الذمة ، ومن أتاك به  شبيب  فأعلمنا بمكانه لنوقع باستخدامه .  
فقال  شبيب     : يا أمير المؤمنين إن المسلمين لا يأتونك وهؤلاء الكفرة في خدمتك ، إن أطاعوهم أغضبوا الله وإن أغضبوهم أغروك بهم ، ولكن تولي في اليوم الواحد عدة ، فكلما وليت رجلا عزلت آخر .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					