ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتوحيده، فقال: فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون
فأقم وجهك للدين أي: أخلص دينك، وهو قول . سعيد بن جبير
وقال غيره: سدد عملك.
والوجه: ما يتوجه إليه، وعمل الإنسان ودينه ما يتوجه إليه لتسديده وإقامته، حنيفا مائلا إليه مستقيما عليه، لا ترجع عنه إلى غيره، وقوله: فطرت الله التي فطر الناس عليها .
فطرت الله : الملة، وهي الإسلام والتوحيد الذي خلق الله عليه المؤمنين، هذا قول المفسرين في فطرة الله.
والمراد بالناس هاهنا المؤمنون الذين فطرهم الله على الإسلام؛ لأن المشرك لم يفطر على الإسلام، ولفظ الناس عام، والمراد به الخصوص، وانتصابها بالإغراء، وهو قول ، قال: "فطرة الله" منصوب بمعنى اتبع فطرة الله. الزجاج
لا تبديل لخلق الله قال ، مجاهد وإبراهيم : لا تبديل لدين الله.
وهي نفي معناه النهي، أي: لا تبدلوا دين الله الذي هو التوحيد بالشرك والكفر، ذلك الدين القيم يعني التوحيد، وهو الدين المستقيم، ولكن أكثر الناس يعني: كفار مكة ، لا يعلمون توحيد الله.
قوله: منيبين إليه قال : زعم جميع النحويين أن معنى هذا فأقيموا وجوهكم منيبين؛ لأن مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم يدخل فيها الأمة، والدليل على ذلك قوله: الزجاج [ ص: 434 ] يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فقوله تعالى: فأقم وجهك معناه: فأقيموا وجوهكم، منيبين إليه راجعين إلى كل ما أمر به مع التقوى، وأداء الفرض، وهو قوله: واتقوه وأقيموا الصلاة ، ثم أخبر أنه لا ينفع ذلك إلا بالإخلاص في التوحيد، فقال: ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا تقدم تفسيره في آخر سورة الأنعام، كل حزب بما لديهم فرحون قال : كل أهل ملة بما عندهم من الدين راضون. مقاتل