الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون  والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير [ ص: 514 ] العزيز العليم  والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم  لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون  

                                                                                                                                                                                                                                      "وآية لهم" تدل على قدرتنا، الليل نسلخ منه النهار قال الفراء : نرمي بالنهار على الليل فنأتي بالظلمة؛ وذلك أن الأصل هي الظلمة والنهار داخل عليها، فإذا غربت الشمس سلخ النهار من الليل، أي: كشط وأزيل، أي: نزع فتظهر الظلمة، وهو قوله: فإذا هم مظلمون داخلون في ظلام الليل.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: والشمس تجري وآية لهم الشمس تجري، لمستقر لها يعني: انتهاء سيرها عند انقضاء الدنيا، وقال ابن قتيبة : إنها تسير حتى تنتهي إلى أبعد مغاربها ثم ترجع، فذلك مستقرها لأنها لا تجاوزه، وعلى هذا القول يكون التقدير: لمستقر لسيرها.

                                                                                                                                                                                                                                      حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج إملاء، نا عبد الله بن محمد بن يعقوب الحافظ ، أنا أحمد بن سلمة ، نا إسحاق بن إبراهيم ، نا وكيع ، نا الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذر ، قال: سألت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن قوله، تعالى: والشمس تجري لمستقر لها قال: "مستقرها تحت العرش"  ، رواه البخاري ، عن الحميدي ، عن وكيع ، ورواه مسلم ، عن أبي سعيد الأشج ، عن إسحاق وقوله: ذلك أي: ذلك الذي ذكر من أمر الليل والنهار، والشمس والقمر، تقدير العزيز في ملكه، العليم بما قدر من أمرها.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: والقمر قدرناه منازل وهي ثمانية وعشرون منزلا من أول الشهر، فإذا صار إلى آخر منازله دق، وذلك قوله: حتى عاد كالعرجون القديم ومن قرأ والقمر نصبا فلأن المعنى: وقدرنا القمر قدرناه، كما تقول: زيدا ضربته، والعرجون عود العذق الذي تركبه الشماريخ، وإذا جف وقدم يشبه الهلال.

                                                                                                                                                                                                                                      لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر أي: لا يدخل النهار على الليل قبل انقضائه، ولا يدخل الليل على النهار قبل انقضائه، وهو قوله: ولا الليل سابق النهار أي: هما يتعاقبان بحساب معلوم ولا يجيء أحدهما قبل وقته، وكل من الشمس والقمر والنجوم، في فلك يسبحون يسيرون فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية