الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ثم وعظ كفار مكة ليعتبروا، فقال: وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون  وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون  ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون  سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون  

                                                                                                                                                                                                                                      وآية لهم الأرض الميتة أي: يدلهم على قدرتنا على البعث إحياء الأرض بالنبات بعد أن كانت ميتة لا تنبت شيئا، وهو قوله: أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون يعني: ما يقتات من الحبوب، وجعلنا فيها في الأرض، جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها في الأرض، من العيون يعني: عيون الماء.

                                                                                                                                                                                                                                      ليأكلوا من ثمره يعني: من ثمرة النخيل، وهو في اللفظ مذكر، وما عملته أيديهم أي: ومن ثمرة ما عملت أيديهم، يعني الغروس والحروث التي قاسوا حراثتها، ومن قرأ عملته بالهاء جعلها عائدة إلى ما التي هي بمعنى الذي، ومن قرأ بحذف الهاء فلأن هذه الهاء الراجعة إلى الموصول تجيء محذوفة في أكثر القرآن، كقوله: أهذا الذي بعث الله رسولا ، وسلام على عباده الذين اصطفى وتكون هذه القراءة كقراءة عملته لأن الهاء مرادة، وإن حذفت في اللفظ، ويجوز أن يكون ما في "وما عملته" نفيا، وهو معنى قول الضحاك ومقاتل . قال الضحاك : أي وجدوها معمولة ولا صنع لهم فيها، وقال مقاتل : يقول: لم يكن ذلك من صنيع أيديهم، ولكن من فعلنا، وقوله: أفلا يشكرون أي: رب هذه النعم فيوحدونه، ثم نزه نفسه، فقال: سبحان الذي خلق الأزواج كلها يعني: أجناس الفواكه والحبوب وأصنافها، مما تنبت الأرض ومن أنفسهم يعني: الذكران والإناث، ومما لا يعلمون مما خلق الله من جميع الأنواع والأشياء، مما لا تقف عليه من دواب البر والبحر.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية