الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ثم ذكر أهل النفاق وشكهم في الدين، فقال: ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين  وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون  وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون  إنما كان قول [ ص: 325 ] المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون  

                                                                                                                                                                                                                                      ويقولون يعني المنافقين، آمنا بالله صدقنا بتوحيد الله، وبالرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وأطعنا هما فيما حكما، ثم يتولى فريق يعرض عن طاعتهما طائفة، منهم من بعد ذلك من بعد قولهم آمنا، وما أولئك الذين يعرضون عن حكم الله ورسوله، بالمؤمنين .

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا دعوا إلى الله إلى كتاب الله، ورسوله ليحكم بينهم الرسول فيما اختصموا فيه، إذا فريق منهم معرضون عما يدعون إليه.

                                                                                                                                                                                                                                      وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين مسرعين طائعين، قال الزجاج: الإذعان الإسراع مع الطاعة.

                                                                                                                                                                                                                                      يقال: أذعن لي بحق، أي: طاوعني فيما كنت ألتمس منه وصار يسرع إليه.

                                                                                                                                                                                                                                      أخبر الله أن المنافقين يعرضون عن حكم الرسول لعلمهم بأنه يحكم بالحق، فإذا كان لهم على غيرهم أسرعوا إلى حكمه لثقتهم بأنه كما يحكم عليهم بالحق يحكم لهم أيضا.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم أخبر بما في قلوبهم من الشك، فقال: أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا شكوا في القرآن، وهذا استفهام ذم وتوبيخ، أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله الحيف الميل في الحكم، فيقال: حاف في قضيته، أي جار فيما حكم.

                                                                                                                                                                                                                                      بل أولئك هم الظالمون أي: لا يظلم الله ورسوله في الحكم بل هم الذين يظلمون أنفسهم بالكفر والإعراض عن حكم الرسول.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم تعب الصادقين من إيمانهم، فقال: إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا قال مقاتل، وابن عباس: يقولون سمعنا قول النبي، وأطعنا أمره، وإن كان ذلك فيما يكرهونه ويضر بهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم أثنى على من أطاعهما، فقال: ومن يطع الله ورسوله قال ابن عباس: يريد فيما ساءه وسره.

                                                                                                                                                                                                                                      ويخش الله في ذنوبه التي عملها، ويتقه فيما بعد لم يعصه، وقراءة العامة يتقيه موصولة بياء هو الوجه؛ لأن ما قبل الهاء متحرك وحكمها إذا تحرك ما قبلها أن يتبعها الياء في الوصل، وروى قالون بكسر الهاء ولا يبلغ بها الياء لأن حركة ما قبل الهاء ليست تلزم ألا ترى أن الفعل إذا رفع... اختير حذف الياء بعد الهاء مثل عليه، وقرأ أبو عمرو ويتقه جزما، وذلك أن ما يلحق هذه الهاء من الواو والياء زائدا، فرد إلى الأصل وحذف الزيادة، وقرأ حفص ساكنة القاف مكسورة الهاء، قال ابن الأنباري: وهو على لغة من يقول: لم أزيدا ولم أشتر طعاما ما... يسقطون الياء للجزم، ثم يسكنون الحرف الذي قبلها، ومنه قول الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      قال سليمى اشتر لنا دقيقا

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 326 ] وقوله: فأولئك هم الفائزون يعني: المطيعين لله ورسوله، الخائفين المتقين الذين قالوا ما طالبوا من رضا الله، وقيل جنته،

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية