[ ص: 329 ] ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون
قوله: ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج قال إن المسلمين كانوا إذا غزوا وخلفوا زمناهم، وكانوا يدفعون إليهم مفاتيحهم أبوابهم، ويقولون: قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما في بيوتنا. سعيد بن المسيب:
وكانوا يتحرجون من ذلك، وقالوا: لا ندخلها وهم غيب.
فنزلت هذه الآية رخصة لهم، ومعنى الآية: نفي الحرج عن الزمنى في أكلهم من بيت أقاربهم، أو بيت من يدفع إليهم المفتاح إذا خرج للغزو، وقوله: ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أي: ليس عليكم حرج أن تأكلوا من أموال عيالكم وأزواجكم، وبيت المرأة كبيت الرجل، وقال أراد أن تأكلوا من بيوت أولادكم، فنسب بيوت الأولاد إلى الآباء؛ لأن الأولاد كسبهم وأموالهم كأموالهم. ابن قتيبة:
ثم ذكر بيوت القرابات بعد الأولاد، فقال: أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم وهذه الرخصة في أكل مال القرابات، وهم لا يعلمون ذلك كرخصة لمن دخل حائطا وهو جائع أن يصيب من ثمره، أو مر في سفره بغنم وهو عطشان أن يشرب من رسلها توسعة منه ولطفا بعباده ورغبة عن دناءة الأخلاق وضيق النظر.
وقوله: أو ما ملكتم مفاتحه يعني بيوت عبيدكم ومما يملكون، وذلك أن السيد يملك منزل عبده، والمفتاح معناها الخزائن، كقوله: وعنده مفاتح الغيب ويجوز [ ص: 330 ] أن تكون التي يفتح بها، وهذا قول عن عطاء، ابن عباس.
وقال آخرون: أمضى.
قوله: أو ما ملكتم مفاتحه ما خزنتموه لغيركم، قال يعني بذلك وكيل الرجل وقيمه في ضيقته لا بأس عليه أن يأكل من ثمر حائطه، ويشرب من لبن ماشيته. ابن عباس:
قال إذا ملك الرجل المفتاح فهو خازن، فلا بأس أن يطعم الشيء اليسير. عكرمة:
وقال الرجل يولى طعام غيره يقوم عليه فلا بأس أن يأكل منه. السدي:
وقوله: أو صديقكم قال المقاتلان: انطلق رجل غازيا يدعى واستخلف الحارث بن عمرو، مالك بن زيد في أهله وخزانته، فلم يأكل من ماله شيئا حتى صار مجهودا، فأنزل الله أو صديقكم يعني: وكان الحارث بن عمرو، الحسن يريد دخول الرجل بيت صديقه، والتحريم بطعامه من غير استئذان منه في الأكل بهذه الآية، والمعنى: ليس عليكم جناح أن تأكلوا من منازل هؤلاء إذا دخلتموها وإن لم يحضروا من غير أن تتزودوا وتعملوا. وقتادة
وقوله: ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا قال أكثر المفسرين: نزلت في بني ليث بن بكر، وهم من كنانة، كان الرجل منهم لا يأكل، فإن لم يجد من يؤاكله لم يأكل شيئا، وربما كانت معه الإبل فلا يشرب من ألبانها حتى يجد من يشاربه، فأعلم الله أن الرجل منهم إن أكل وحده فلا إثم عليه، ومعنى أشتاتا: متفرقين جمع شتت.
وقوله: فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم هذا في دخول الرجل بيت نفسه، والسلام على أهله ومن في بيته، قال إذا دخلت بيتك فسلم على أهلك فهم أحق من سلمت عليه، وإذا دخلت بيتا لا أحد فيه فقل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. قتادة:
حدثنا أن الملائكة ترد عليه، قال هو المسجد إذا دخلته فقل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. ابن عباس:
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد البغدادي، أنا أنا أبو بكر محمد بن المؤمل، الفضل بن محمد، نا ابن أبي مريم، أنا حدثني ابن لهيعة، عن أبو الزبير، جابر، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: " إذا دخلتم بيوتكم فسلموا على أهلها، وإذا طعم أحدكم طعاما ما فليذكر اسم الله عليه، فإن الشيطان إذا سلم أحدكم لم يدخل بيته، وإذا ذكر اسم الله على طعامه؛ قال: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإن لم يسلم حين يدخل بيته، ولم يذكر اسم الله على طعامه؛ قال: أدركتم العشاء والمبيت وقوله: تحية من عند الله قال أي: هذه تحية حياكم الله بها. ابن عباس:
وقال الفراء: أي أن الله يأمركم بما تفعلونه طاعة له.
وقوله: مباركة طيبة قال حسنة جميلة. ابن عباس:
وقال أعلم الله [ ص: 331 ] أن الزجاج: السلام مبارك طيب لما فيه من الأجر والثواب.
وقوله: كذلك أي: كبيانه في هذه الآية، يبين الله لكم الآيات يفصل الله لكم معالم دينكم، لعلكم تعقلون لكي تفهموا عن الله أمره ونهيه.